الحديد في الطب والعلم والقران بقلم أ.د. محمد جميل الحبال
رأينا بعض المعجزات الخاصة بالحديد من الناحية الهندسية، ولكن ماذا يقول الأطباء عن هذا العنصر الذي ذكره الله تعالى في كتابه، وهل من معجزة طبية وراء ذلك؟...
قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) [الحديد: 25] لقد ورد ذكر بعض المعادن في القرآن الكريم كالحديد والنحاس والذهب والفضة ولكن الله I أفرد سورة كاملة باسم (الحديد) في القرآن الكريم وذلك للتأكيد على أهميته في الطبيعة وفائدته للإنسان.
إن ترتيب سورة الحديد في القرآن الكريم هو (57) ويعادل ذلك تقريباً وزنه الذري الذي هو (56) وإذا ما اعتبرنا سورة الأنفال والتوبة سورة واحدة (لعدم وجود البسملة بينهما) كما قرر ذلك بعض العلماء فيكون العدد (56) قد تحقق بالضبط. ثم إن رقم الآية الكريمة في قوله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) هو (26) مع البسملة ويعادل ذلك وزنه المكافئ الذي هو (26).
وقد ورد ذكر الحديد في القرآن الكريم في ست آيات وكما يلي:
1 ـ (قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا) [الإسراء: 50].
2 ـ (وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ) [الحج: 21].
3 ـ (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيد) [ق: 22]
4 ـ (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا) [الكهف: 96]
5 ـ (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) [سبأ: 10].
6 ـ (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) [الحديد: 25].
وقد يكون في تكرار الحديد ست مرات في القرآن الكريم إشارة إلى بعض خواصه الكيميائية والفيزيائية وكما يلي:
1 ـ أن أعلى درجة لتأكسد الحديد هي (6) Higher Oxidation State
بالرغم من كون تواجد الحديد في الطبيعة على شكل حالتين شائعتين الأولى ثنائية التكافؤ (الحديدوز). مثال (FeCl2) والثانية ثلاثية التكافؤ (الحديديك). مثال (FeCl3)، لكن هناك تكافؤات أخرى يتواجد فيها عنصر الحديد في الطبيعة ولو بشكل أقل كالحديد السداسي التكافؤ. مثال (H2FeO4)([1]).
2 ـ أن عدد أطياف عنصر الحديد هو (6).
Line Emission spectra of Iron: R, O, Y, E, D, V.([2])
3 ـ إن الأواصر التي يرتبط بها في بعض المركبات العضوية هي (6) أواصر كما هو في حالة الحديد Haem الموجود في مركب الهيموكلوبينHemoglobin (في الدم) والمايوكلوبين Myoglobin (في العضلات) وأنزيم السيتوكروم Cytochrome P450 الموجودة في أجسام الطاقة في الخلية (المايتوكـندريا) المسؤولة عن التـفاعلات الـحيوية (الأكسدة والاختزال) للجسم الحي كما في الشكل رقم (1) لمركب ([3])Ferroprotoporphyrin (heam)
الشكل رقم (1) يبين ذرة الحديد في مركز مجموعة (الهيم) المرتبطة بالمركب العضوي (البورفيرين) بستة أواصر والموجودة في الهيموكلوبين والمايوكلوبين وأنزيم السايتوكروم.
وبدون أنزيم السايتوكروم (الذي مركزه الحديد) لا تتم الحياة والعمليات الأيضـية كما إنه من دون الحديد لا يـمكن تكوين جزئية الـهيموكلوبين في الدم الذي هو شريان الـحيـاة والمايوكلوبين في العضلات الذين هما مص در القوة في الجسم ومن أجل ذلك (والله أعلم) ذكــره الله تعالى: (فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) حيث أن كمية وجوده في الجسم بصورة عامة تقدر بحوالي (4) غم وبصورة خاصة في الدم (2.5) غم (65%) Hemoglobin وفي العضلات Myoglobine وبأنزيم السايتوكروم المذكور أعلاه ولو بنسبة ضئيلة ولكنها ضرورية وفعالة (بمقدار 500 ملغم).
لنبين الآن توزيع مادة الحديد في جسم الإنسان (الرجل) بالـ (مغم) مع النسبة المئوية ([4])
المادة الكمية (مغم) mg النسبة المئوية %:
الهيموغلوبين Hb 2500 62.5
المايوغلوبين (Mb) وإنزيم Cytochrom P450 500 12.5
الحديد المنقول على شكل Transferrin 3 0.075
الحديد في مخازنه (RES) على شكل Ferritin and Hemosiderin 600 ـ 1000 25
المجموع ~ 4000 100
ملحوظة: كمية الحديد في جسم الإنسان (المرأة) أقل من الإنسان (الرجل) بنحو (1) غم.
إن الحديد في الجسم يؤدي إلى النشاط والقوة والبأس فيه لأنه مسؤول عن كثير من الفعاليات والعمليات الحيوية والتي بدونه لا تتم هذه العمليات وبقلته ونقصانه تصاب هذه الفعاليات وبالتالي الجسم بكامله بالوهن والضعف الشديدين وربما الموت إذا تدنت نسبته بكمية كبيرة عن المعدلات الطبيعية. والذي يرجح هذا المعنى (أي أن البأس الشديد قد يعود إلى القوة والصحة والعافية للجسم الإنساني) هو أن عبارة قوله I وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ تشمل منافع وفوائد الحديد العامة في المجالات الصناعية والاقتصادية والحربية …. إلخ. وحيث انه لا تكرر للمعاني والعبارات والكلمات المتتالية ورودها في القرآن الكريم كما يقول علماء البلاغة القرآنية وإن لكل كلمة معنى مغايراً فإن عبارة (بأس شديد) يكون لها مفهوم ومعنى آخر يمكن استنباطه ومعرفته من القرآن نفسه حيث وردت عبارة (البأس الشديد) في القرآن الكريم ثلاث مرات وهي تعطي مفهوم القوة البشرية وكما يأتي:
1 ـ قـال تعالى: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) [الإسراء:52 ].
2 ـ قـال تعالى: (قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ) [النمل: 33].
3 ـ قال تعالى: (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنْ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) [الفتح: 16].
فالكلمات: (عباد ـ قوم ـ نحن) تشير إلى الإنسان، فالإنسان القوي = بأس شديد كما يفهم من هذه الآيات ولما كان الحديد = بأساً شديداً فإن الإنسان القوي = صفات الحديد أي أن أحد أسباب القوة البشرية والحيوية في الإنسان هو عنصر الحديد الذي يدخل في المركبات العضوية في جسمه للقيام بالوظائف الحيوية كما موضح في الجدول المذكور أعـــــلاه (جدول رقم 2).
ولما كان الإنسان الرجل يحتاج إلى القوة العضلية والبأس الشديد لمواجهة متطلبات الحياة ومصاعبها ومسؤولياته تجاه كسب العيش حيث انه المسؤول الأول للعمل لإعالة أسرته وأهله ومن يعول وليست الزوجة أو المرأة فقد حباه الله إلى القوة والصلابة أكثر من الإنسان المرأة لقوله تعالى: (وليس الذكر كالأنثى) [آل عمران: 36]، علما أن كثير من الأعمال والواجبات التي يقوم بها الرجال تتطلب الى القوة العضلية والتحمل الشديد، لذلك فقد جعل الباري عز وجل كمية الحديد في الإنسان المرأة اقل منها في الانسان الرجل بنحو 1 -1.5 غرام (كما في المصدر رقم 4).
وهذا ما يؤيد استنباطنا أعلاه في كون أن احد المعاني المهمة في قوله تعالى: (بأس شديد) هو أن عنصر الحديد في الإنسان يعني القوة البشرية والحياتية فيه. فضلا وكما هو معروف طبيا أن السبب الشائع للإصابة بمرض فقر الدم في البشرية وعلى مستوى العالم اجمع هو نقص عنصر الحديد في الإنسان خاصة لدى النساء , والذي يظهر على المريض على شكل أعراض تتميز بالضعف العام والإعياء والخمول وربما صعوبة في البلع وألم في اللسان. وسريريا بالشحوب في اللون وربما تضخم بسيط في الطحال وتقعر في الأظافر وزوال الغشاء المخاطي الذي يغطي اللسان. وتتناسب هذه الأعراض والعلامات السريرية مع شدة الإصابة بنسبة نقص الحديد في الدم والذي يطلق عليه طبيا (فقر الدم الناتج عن نقص الحديد) (Iron Defeciency Anemia). وجميع هذه الأعراض والعلامات المذكورة أعلاه وغيرها تؤدي إلى حدوث الوهن والضعف العضلي والذهني للمريض المصاب والتي تزول عادة بالعلاج المناسب غذائيا بتناول الأطعمة المناسبة خاصة التي تحوي عل ى الحديد ودوائيا بتناول العلاج المناسب الذي يحوي مركبات الحديد على شكل أقراص فموية أو إبر عضلية أو وريدية وربما يحتاج المريض المصاب بفقر الدم الشديد الناتج عن نقص حاد في الحديد إلى إعطاء الدم خاصة الأقراص الدموية الحمراء وحسب شدة حالة المريض والتي يقررها الطبيب المعالج.
كما يجب أولا وقبل كل شيء معرفة ومعالجة وإزالة السبب الذي تسبب في حصول هذا النوع من فقر الدم والذي كما ذكرنا انه من أكثر أمراض فقر الدم شيوعا في العالم. وفي حالة معالجة السبب وتعويض النقص الحاصل في كمية الحديد الموجودة في الجسم غذائيا ودوائيا فإن المريض المصاب بفقر الدم الناتج عن نقص الحديد يستعيد صحته وعافيته الجسمية والذهنية وكذلك قواه العضلية و الذهنية و تزول عنه أعراض الضعف والخمول والوهن و الأعراض السريرية المذكورة أعلاه. ويعود شخصا طبيعيا كما كان بفضل نعمة الله عز وجل الذي حباه بالحديد الذي فيه سر العافية و القوة و الصحة البدنية فضلا عن المنافع الأخرى في مجالات الحياة كافة.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل والحمد لله رب العالمين
ــــــــــــــــــــــــــــ
أ.د.محمد جميل الحبال
طبيب استشاري وباحث في الاعجاز الطبي في القران والسنة
--------------------
منقول
رأينا بعض المعجزات الخاصة بالحديد من الناحية الهندسية، ولكن ماذا يقول الأطباء عن هذا العنصر الذي ذكره الله تعالى في كتابه، وهل من معجزة طبية وراء ذلك؟...
قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) [الحديد: 25] لقد ورد ذكر بعض المعادن في القرآن الكريم كالحديد والنحاس والذهب والفضة ولكن الله I أفرد سورة كاملة باسم (الحديد) في القرآن الكريم وذلك للتأكيد على أهميته في الطبيعة وفائدته للإنسان.
إن ترتيب سورة الحديد في القرآن الكريم هو (57) ويعادل ذلك تقريباً وزنه الذري الذي هو (56) وإذا ما اعتبرنا سورة الأنفال والتوبة سورة واحدة (لعدم وجود البسملة بينهما) كما قرر ذلك بعض العلماء فيكون العدد (56) قد تحقق بالضبط. ثم إن رقم الآية الكريمة في قوله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) هو (26) مع البسملة ويعادل ذلك وزنه المكافئ الذي هو (26).
وقد ورد ذكر الحديد في القرآن الكريم في ست آيات وكما يلي:
1 ـ (قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا) [الإسراء: 50].
2 ـ (وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ) [الحج: 21].
3 ـ (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيد) [ق: 22]
4 ـ (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا) [الكهف: 96]
5 ـ (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) [سبأ: 10].
6 ـ (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) [الحديد: 25].
وقد يكون في تكرار الحديد ست مرات في القرآن الكريم إشارة إلى بعض خواصه الكيميائية والفيزيائية وكما يلي:
1 ـ أن أعلى درجة لتأكسد الحديد هي (6) Higher Oxidation State
بالرغم من كون تواجد الحديد في الطبيعة على شكل حالتين شائعتين الأولى ثنائية التكافؤ (الحديدوز). مثال (FeCl2) والثانية ثلاثية التكافؤ (الحديديك). مثال (FeCl3)، لكن هناك تكافؤات أخرى يتواجد فيها عنصر الحديد في الطبيعة ولو بشكل أقل كالحديد السداسي التكافؤ. مثال (H2FeO4)([1]).
2 ـ أن عدد أطياف عنصر الحديد هو (6).
Line Emission spectra of Iron: R, O, Y, E, D, V.([2])
3 ـ إن الأواصر التي يرتبط بها في بعض المركبات العضوية هي (6) أواصر كما هو في حالة الحديد Haem الموجود في مركب الهيموكلوبينHemoglobin (في الدم) والمايوكلوبين Myoglobin (في العضلات) وأنزيم السيتوكروم Cytochrome P450 الموجودة في أجسام الطاقة في الخلية (المايتوكـندريا) المسؤولة عن التـفاعلات الـحيوية (الأكسدة والاختزال) للجسم الحي كما في الشكل رقم (1) لمركب ([3])Ferroprotoporphyrin (heam)
الشكل رقم (1) يبين ذرة الحديد في مركز مجموعة (الهيم) المرتبطة بالمركب العضوي (البورفيرين) بستة أواصر والموجودة في الهيموكلوبين والمايوكلوبين وأنزيم السايتوكروم.
وبدون أنزيم السايتوكروم (الذي مركزه الحديد) لا تتم الحياة والعمليات الأيضـية كما إنه من دون الحديد لا يـمكن تكوين جزئية الـهيموكلوبين في الدم الذي هو شريان الـحيـاة والمايوكلوبين في العضلات الذين هما مص در القوة في الجسم ومن أجل ذلك (والله أعلم) ذكــره الله تعالى: (فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) حيث أن كمية وجوده في الجسم بصورة عامة تقدر بحوالي (4) غم وبصورة خاصة في الدم (2.5) غم (65%) Hemoglobin وفي العضلات Myoglobine وبأنزيم السايتوكروم المذكور أعلاه ولو بنسبة ضئيلة ولكنها ضرورية وفعالة (بمقدار 500 ملغم).
لنبين الآن توزيع مادة الحديد في جسم الإنسان (الرجل) بالـ (مغم) مع النسبة المئوية ([4])
المادة الكمية (مغم) mg النسبة المئوية %:
الهيموغلوبين Hb 2500 62.5
المايوغلوبين (Mb) وإنزيم Cytochrom P450 500 12.5
الحديد المنقول على شكل Transferrin 3 0.075
الحديد في مخازنه (RES) على شكل Ferritin and Hemosiderin 600 ـ 1000 25
المجموع ~ 4000 100
ملحوظة: كمية الحديد في جسم الإنسان (المرأة) أقل من الإنسان (الرجل) بنحو (1) غم.
إن الحديد في الجسم يؤدي إلى النشاط والقوة والبأس فيه لأنه مسؤول عن كثير من الفعاليات والعمليات الحيوية والتي بدونه لا تتم هذه العمليات وبقلته ونقصانه تصاب هذه الفعاليات وبالتالي الجسم بكامله بالوهن والضعف الشديدين وربما الموت إذا تدنت نسبته بكمية كبيرة عن المعدلات الطبيعية. والذي يرجح هذا المعنى (أي أن البأس الشديد قد يعود إلى القوة والصحة والعافية للجسم الإنساني) هو أن عبارة قوله I وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ تشمل منافع وفوائد الحديد العامة في المجالات الصناعية والاقتصادية والحربية …. إلخ. وحيث انه لا تكرر للمعاني والعبارات والكلمات المتتالية ورودها في القرآن الكريم كما يقول علماء البلاغة القرآنية وإن لكل كلمة معنى مغايراً فإن عبارة (بأس شديد) يكون لها مفهوم ومعنى آخر يمكن استنباطه ومعرفته من القرآن نفسه حيث وردت عبارة (البأس الشديد) في القرآن الكريم ثلاث مرات وهي تعطي مفهوم القوة البشرية وكما يأتي:
1 ـ قـال تعالى: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) [الإسراء:52 ].
2 ـ قـال تعالى: (قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ) [النمل: 33].
3 ـ قال تعالى: (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنْ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) [الفتح: 16].
فالكلمات: (عباد ـ قوم ـ نحن) تشير إلى الإنسان، فالإنسان القوي = بأس شديد كما يفهم من هذه الآيات ولما كان الحديد = بأساً شديداً فإن الإنسان القوي = صفات الحديد أي أن أحد أسباب القوة البشرية والحيوية في الإنسان هو عنصر الحديد الذي يدخل في المركبات العضوية في جسمه للقيام بالوظائف الحيوية كما موضح في الجدول المذكور أعـــــلاه (جدول رقم 2).
ولما كان الإنسان الرجل يحتاج إلى القوة العضلية والبأس الشديد لمواجهة متطلبات الحياة ومصاعبها ومسؤولياته تجاه كسب العيش حيث انه المسؤول الأول للعمل لإعالة أسرته وأهله ومن يعول وليست الزوجة أو المرأة فقد حباه الله إلى القوة والصلابة أكثر من الإنسان المرأة لقوله تعالى: (وليس الذكر كالأنثى) [آل عمران: 36]، علما أن كثير من الأعمال والواجبات التي يقوم بها الرجال تتطلب الى القوة العضلية والتحمل الشديد، لذلك فقد جعل الباري عز وجل كمية الحديد في الإنسان المرأة اقل منها في الانسان الرجل بنحو 1 -1.5 غرام (كما في المصدر رقم 4).
وهذا ما يؤيد استنباطنا أعلاه في كون أن احد المعاني المهمة في قوله تعالى: (بأس شديد) هو أن عنصر الحديد في الإنسان يعني القوة البشرية والحياتية فيه. فضلا وكما هو معروف طبيا أن السبب الشائع للإصابة بمرض فقر الدم في البشرية وعلى مستوى العالم اجمع هو نقص عنصر الحديد في الإنسان خاصة لدى النساء , والذي يظهر على المريض على شكل أعراض تتميز بالضعف العام والإعياء والخمول وربما صعوبة في البلع وألم في اللسان. وسريريا بالشحوب في اللون وربما تضخم بسيط في الطحال وتقعر في الأظافر وزوال الغشاء المخاطي الذي يغطي اللسان. وتتناسب هذه الأعراض والعلامات السريرية مع شدة الإصابة بنسبة نقص الحديد في الدم والذي يطلق عليه طبيا (فقر الدم الناتج عن نقص الحديد) (Iron Defeciency Anemia). وجميع هذه الأعراض والعلامات المذكورة أعلاه وغيرها تؤدي إلى حدوث الوهن والضعف العضلي والذهني للمريض المصاب والتي تزول عادة بالعلاج المناسب غذائيا بتناول الأطعمة المناسبة خاصة التي تحوي عل ى الحديد ودوائيا بتناول العلاج المناسب الذي يحوي مركبات الحديد على شكل أقراص فموية أو إبر عضلية أو وريدية وربما يحتاج المريض المصاب بفقر الدم الشديد الناتج عن نقص حاد في الحديد إلى إعطاء الدم خاصة الأقراص الدموية الحمراء وحسب شدة حالة المريض والتي يقررها الطبيب المعالج.
كما يجب أولا وقبل كل شيء معرفة ومعالجة وإزالة السبب الذي تسبب في حصول هذا النوع من فقر الدم والذي كما ذكرنا انه من أكثر أمراض فقر الدم شيوعا في العالم. وفي حالة معالجة السبب وتعويض النقص الحاصل في كمية الحديد الموجودة في الجسم غذائيا ودوائيا فإن المريض المصاب بفقر الدم الناتج عن نقص الحديد يستعيد صحته وعافيته الجسمية والذهنية وكذلك قواه العضلية و الذهنية و تزول عنه أعراض الضعف والخمول والوهن و الأعراض السريرية المذكورة أعلاه. ويعود شخصا طبيعيا كما كان بفضل نعمة الله عز وجل الذي حباه بالحديد الذي فيه سر العافية و القوة و الصحة البدنية فضلا عن المنافع الأخرى في مجالات الحياة كافة.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل والحمد لله رب العالمين
ــــــــــــــــــــــــــــ
أ.د.محمد جميل الحبال
طبيب استشاري وباحث في الاعجاز الطبي في القران والسنة
--------------------
منقول