كتاب
معجزة السبع المثاني
في القرآن الكريم
(القسم الأول)
قال الله تعالى عن سورة الفاتحة
وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ
[الحجر:15/87]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سورة الفاتحة
والذي نَفسي بيدهِ, ما أُنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها, هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته
[رواه الإمام أحمد].
مقدمة البحث
إن أجمل اللحظات هي تلك التي يعيشها المؤمن مع كتاب ربه... عندما يرى أسراراً جديدة تتجلى في آيات هذا الكتاب العظيم... عندما يمتزج العلم بالإيمان للوصول إلى الله سبحانه وتعالى...
وفي بحثنا هذا سورة عظمية هي التي أقسم الرسول الكريم بأن الله لم ينزل مثلها في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان، إنها السبع المثاني، وهي أمُّ القرآن، وهي فاتحة الكتاب...
واليوم نعيش لأول مرة مع معجزات هذه السورة بلغة القرن الواحد والعشرين (لغة الأرقام)، والحقائق الرقمية التي نكتشفها لا يمكن لأحدٍ أن يأتي بمثلها، وهي تدل دلالة قاطعة على أن هذا القرآن كتاب الله، ورسالته إلى البشر جميعاً.
وهذا هو الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام يحدثنا عن أعظم سورة في القرآن: إنها أُمُّ الكتاب, وهي السَّبْعُ المثاني, وهي سورة الفاتحة, حتى إن الله تعالى قدَّم ذكرها على ذكر القرآن بخطابه للحبيب الأعظم , فقال: (ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم) [الحجر15/87].
إنها السورة التي لا تَصِحُّ الصلاة إلا بها, فلا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب, وهي السورة التي وضَعَها رَبُّ العزَّةِ سبحانه في مقدمة كتابه لِعِظَم شأنها, واختار لآياتها الرقم (7), فجعلها سبع آيات.
ونتساءل بعد كل هذا: هل يوجد وراء هذه السورة معجزة عظيمة هيَّأها البارئ عزَّ وجلّ لمثل عصرنا هذا؟ عندما تحدَّى اللهُ تعالى البشر جميعًا أن يأتوا بسورة مثل القرآن, فهل وَضعَ في هذه السور براهين مادية على ذلك؟ كيف يمكن لهذه المعجزة أن تخاطب البشر جميعًا على اختلاف لغاتهم ومعتقداتهم؟
في هذا البحث العلمي سوف تتراءى أمامنا معجزة حقيقية بلغة يفهمها كل البشر: إنها لغة الأرقام التي لا يمكن لأحدٍ أن يجحدها. ولكن: لماذا جاءت هذه المعجزة الرقمية في عصرٍ كهذا؟
من عظمة المعجزة الإلهية لكتاب الله أنها مناسبة لكل العصور, ونحن الآن نقف على بداية القرن الواحد والعشرين, وقد بلغت لغة الأرقام آفاقًا واسعة لم تبلغها من قبل, فأصبحت لغةُ العلم والإقناع هي لغةَ الرقم, حتى إن أي بحث علمي لا يرقى لمستوى اليقين إلا إذا دُعم بالنتائج الرقمية الثابتة. كما لا يخفى على أحد التطور الكبير الذي يشهده عصرنا فيما يسمَّى بالتكنولوجيا الرقمية (الإنترنت, الكمبيوتر, الاتصالات الرقمية...).
إن فكرة هذا البحث بسيطة للغاية, فسورة الفاتحة هي عبارة عن بناء محكم من الكلمات والأحرف, وقد قُمنا بدراسة هذا البناء رقميًّا, فتبيَّن بما لا يقبل الشك أن أساس هذا البناء المذهل يقوم على الرقم (7). وهذا أمر بديهي, لأن الله تعالى هو الذي سمَّى هذه السورة بالسَّبْع المثاني, فنحن لم نأت بشيءٍ من عندنا, بل كل ما فعلناه هو اكتشاف علاقات رقمية موجودة أصلاً في هذه السورة!
إن المرجع لهذا البحث هو القرآن الكريم (بالرسم العثماني ورواية حفص عن عاصم), وبما أن كلمات وأحرف هذا القرآن ثابتة جاءت الحقائق الرقمية ثابتة أيضًا, هذه الحقائق المذهلة هي دليل قوي جدًا في هذا العصر على إعجاز القرآن, وأن الله تعالى قد حفظ كل حرفٍ فيه إلى يوم القيامة, فهو القائل: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحِجر: 15/9].
كما أن هذه الحقائق الرقمية الثابتة تُعتبر برهانًا ماديًا على استحالة الإتيان ولو بسورة مثل القرآن, وهنا نتذكّر قول الحقّ سبحانه وتعالى: (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) [البقرة: 2/23ـ24].
ولولا الأهمية القصوى لهذا الرقم لم نجده يتكرر كثيرًا من حولنا, فمنذ بداية خلق الكون اختار سبحانه وتعالى الرقم (7) ليجعل عدد السماوات سبعًا, حتى الذرَّة التي هي الوحدة الأساسية للبناء الكوني تتألف من سبع طبقات إلكترونية, أيام الأسبوع سبعة, السجود على سبعة أَعْظُم, الطواف (7) أشواط, وكذلك السعي بين الصفا والمروة... وأشياء يصعُب حصرُها... حتى جهنم التي أعدَّها الله تعالى لكل من لا يؤمن بهذا القرآن لها سبعة أبواب.
واليوم عندما نكتشف النظام المذهل القائم على هذا الرقم في أعظم كتاب ـ القرآن ـ ألا يدل هذا دلالة واضحة على أن خالق السماوات السبع هو نفسُه مُنزِّل القرآن؟ أنزله بعلمه وقدرته وقال فيه مخاطبًا البشر جميعًا: (أََفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً) [النساء: 4/82].
وسوف نشاهد كيف نظَّم الله جل وعلا كل حرف وكل كلمة وكل آية في سورة الفاتحة بنظام مُحكََم ومتكامل. فالله تبارك وتعالى هو الذي جعل هذه السورة سبع آيات، وهو الذي سماها بالسبع المثاني، وهو الذي أحكم حروف اسمه فيها بشكل يتناسب مع تسميتها، فجاء عدد حروف لفظ الجلالة (الله) ـ أي الألف وللام والهاء ـ في هذه السورة مساوياً بالتمام والكامل (49) حرفاً، أي سبعة في سبعة!!
حتى إن حروف (الم) ـ الألف واللام والميم ـ جاءت في هذه السورة بنظام مذهل يقوم على الرقم سبعة، وكذلك حروف (الر). ولو بحثنا في هذه السورة عن الحروف المشدَّدة لوجدنا عددها (14) حرفاً، أي سبعة في اثنان، ولو أحصينا عدد النقط في هذه السورة لرأينا بالضبط (56) نقطة، أي سبعة في ثمانية، ولو درسنا تركيب سورة الفاتحة لوجدنا أنها تركيب أساساً من (21) حرفاً أبجدياً، أي سبعة في ثلاثة، وهنالك سبعة أحرف لم تُذكر في هذه السورة، وهكذا علاقات لا تكاد تنتهي جميعها ترتبط مع الرقم سبعة ومضاعفاته.
ويمكن القول: لولا الأهمية البالغة للرقم سبعة لم يكن الله عز وجل ليسمِّي هذه السورة بالسبع المثاني! وقد تشير كلمة (المثاني) إلى التثنية والتكرار، أي مكررات أو مضاعفات الرقم سبعة. وهذا ما سوف نراه فعلاً في هذا البحث، فجميع الأرقام الواردة فيه هي من مكررات أو مضاعفات الرقم سبعة.
وأخيراً أسأل الباري سبحانه وتعالى أن يتقبل منا هذا العمل، وأن ينفع به كل من يطلع عليه، اللهم اجعل القرآن شفيعًا لنا يوم لقائك.
إشراقات لعلم جديد
إنـها شمس الإعجاز الرقمي تشرق على القرن الواحد والعشرين لتخاطب البشر جميعًا بلغة العصر ـ الأرقام. حقـائق رقمية مذهلة نكتشفـها اليوم في كتاب الله عزَّ وجلّ... فهل تخشع قلوبنا أمام عظمة كتاب الله؟ وهل نزدادُ يقينًا وإيمانًا وثقة بالله عزَّ وجلّ؟
آفاق الإعجاز الرقمي
هذا هو كتاب الله تبارك وتعالى, يخبرنا عن الحقائق الكونية والعلمية فيأتي العلم الحديث مصدقًًا لكلام الحقّ سبحانه وتعالى, وقبل ذلك تحدىَّ أرباب البلاغة واللغة فعجزوا أمامه, واعترفوا بضعفهم وعدم قدرتهم على الإتيان بمثله.
واليوم وكلما جدّ جديدِ في ميادين الفكر والعلم والمعرفة كان لكتاب الله عزَّ وجلّ السَّبْق في ذلك, حتى لا نكاد نجد شيئًا من العلم, إلا وفي كتاب الله إشارة واضحة وتفصيل بيِّن, وهذا ما أكده القرآن: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [يوسف: 12/111].
ونتساءل, ونحن نعيش عصر الرقميات, نرى فيه للغة الأرقام وجودًا قويًا أينما نظرنا من حولنا: الاتصالات الرقمية, السوبر كمبيوتر, عالم كامل من الإنترنت, أجهزة رقمية نكاد نعجز عن إحصائها... في عصرٍ كهذا, كيف يمكن لهذا القرآن ـ أعظم كتاب في العالم ـ أن يتحدَّى أرباب العلم الحديث بلغتهم التي يتقنونها جيدًا ـ الأرقام؟
وإذا كانت معجزة البلاغة القرآنية في زمن البلاغة قد جعلت المؤمنين الأوائل يدركون عظمة القرآن وثِقل كلام الله تعالى, فهل يمكن للمعجزة الرقمية في عصرنا هذا أن تجعلنا ندرك عَظَمة كتاب الله تعالى؟ وهل نزداد إيمانًا وثقة ويقيناً بالله سبحانه تعالى؟ وما كان الله تعالى ليذَرَ عباده المخلصين في عصر كهذا من دون أن يؤتيهم حُجَّة قوية على كل من يشُكّ بهذا القرآن, وليقولوا عندما يرون معجزات الله وآياته الكبرى: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [النمل: 27/93].
إنني على ثقة تامة بأن مستقبل علوم الإعجاز القرآني سيكون للإعجاز الرقمي, ولكن يجب ألا ننسى بأن المعجزة اللغوية للقرآن مستمرة في عصرنا هذا... ولكن أين من يبحث ويتدبَّر ويكتشف أسرار وعجائب القرآن التي لا تنقضي؟
ولكي ندرك عظمة البناء الرقمي لكتاب الله, يجب أن نتفكّر في هذا الكون وما فيه من نظام محكم, وكيف يرتبط مع الرقم (7).
القـرآن والكـون
لقد استطاع العلم الحديث أن يكشف الكثير من الحقائق الكونية, ومن هذه الحقائق أن الذرة التي هي وحدة البناء الأساسية للكون تتألف من (7) طبقات إلكترونية (ولا يمكن أن تكون أكثر من ذلك), وأن هذه الأرض التي نعيش عليها تتركب من (7) طبقات أيضاً, ويُضيف القرآن شيئًا جديدًا لم يكتشفه العلم بعد, وهو أن عدد السماوات سبع, يقول تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) [الطلاق: 65/12].
هذه الآية تُعبِّر تعبيرًا دقيقًا عن حكمة الرقم (7) في الكون وفي القرآن, فالله تعالى الذي خلق الكون, هو نفسه الذي أنزل القرآن, وكما أنه عزَّ وجلّ نظّم الكون بنظام يقوم على الرقم (7), كذلك نظّم القرآن بنظام يقوم على الرقم (7), وعندما نكتشف هذا الانسجام بين النظامين نستيقن ونعلم أن الله على كل شيء قدير, قدير على خلق الكون وإحكامِه, وقدير على تنزيل القرآن وإحكامه أيضًا, وقد أحاط بكل شيء علمًا: أحاط بأسرار الكون وبأسرار القرآن, ولا ننسى بأن الرقم سبعة يعني الكمال بين الأرقام!
ارتباط أول القرآن بآخره
هذه عظمة كتاب الله... كيفما نظرنا إليه وجدناه كتابًا مُحكمًا, ونسأل: إذا كان الله تعالى قد رتب ونظم وأحكم أول كلمة وآخر كلمة من كتابه بما يتفق حسابيًا مع الرقم (7), فهل يبقى هذا التنظيم الدقيق مستمرًا ليشمل أول سورة وآخر سورة في القرآن؟
أول سورة في القرآن كما نعلم هي سورة الفاتحة رقمها (1) وعدد آياتها (7), وآخر سورة في القرآن هي سورة الناس رقمها (114) وعدد آياتها (6), نصفّ هذه الأرقام على التسلسل:
أول سورة في القرآن آخر سورة في القرآن
رقم السورة عدد آياته رقم السورة عدد آياتها
1 7 114 6
والعدد (71 6114) من مضاعفات الرقم (7) لمرتين:
611471 = 7 × 7 × 12479
مع ملاحظة أن الناتج النهائي (12479) مجموع أرقامه هو:
9 + 7 + 4 + 2 + 1 = 23 بعدد سنوات نزول القرآن!
المعجزة لا تتوقف عند هذا الحد, بل تستمر لتشكل كلمات وأحرف كلتا السورتين, وإلى الجدول لنرى أن كل شيء في هذا القرآن هو بتقدير العزيز العليم:
أول سورة في القرآن آخر سورة في القرآن
رقمها آياتها كلماتها حروفها رقمها آياتها كلماتها حروفها
1 7 31 139 114 6 21 80
والعدد الضخم الناتج من صَفّ جميع هذه الأرقام ينقسم على (7) تمامًا:
1393171 80216114 = 7 × 114594448770453
ملاحظة: أحرف السور يتم إحصاؤها كما رُسمت في كتاب الله تعالى, وسوف نرى من خلال الفقرات القادمة أن رسم كلمات القرآن فيه معجزة مذهلة, فكل حرف في هذا القرآن قد وضعه الله تعالى بدقة متناهية يعجز البشر عن الإتيان بمثلها, لذلك: اقتصرنا في هذا البحث على الأحرف المرسومة في سورة الفاتحة، أما لفظ كلمات السورة وتعدد القراءات فسوف نفرد له بحثاً مستقلاً إن شاء الله تعالى، لأن المعجزة في الرسم واللفظ معاً.
أقصـر سـورة وأطـول سـورة
لقد تحدَّى ربُّ العزَّة سبحانه وتعالى البشر أن يأتوا بسورة مثل القرآن من أقصر سورة لأطول سورة. لذلك فقد اختار الله تعالى لكل سورة عددًا محددًا من الآيات بنظام يعتمد على الرقم (7) أيضًا, ويكفي أن ندرك العلاقة العجيبة بين آيات أقصر سورة وأطول سورة لنستيقن بحقيقة المعجزة الإلهية.
أقصر سورة في القرآن عدد آياتها (3) آيات, وأطول سورة في القرآن عدد آياتها (286) وعندما نَصُفُّ هذين العددين نجد عددًا جديدًا هو:
أقصر سورة أطول سورة
3 286
إن العدد (2863) ينقسم على (7) بالاتجاهين, أي هو و مقلوبه:
1) العدد: 2863 = 7 × 409
2) مقلوبه: 3682 = 7 × 526
والأجـزاء لها نظـام !
حتى التقسيمات التي أتت لاحقاً لأجزاء القرآن الثلاثين جاءت متوافقة بشكل مذهل مع الرقم(7), فكما نعلم منذ زمن بعيد تمّ تقسيم المصحف إلى (30) جزءًا بشكل متساوٍ تقريبًا, ومع أن هذا العمل تمّ بعد زمن الرسول بسنوات طويلة, وباجتهادٍ من علماء المسلمين, فقد جاء هذا التقسيم متناغمًا مع النظام الرقمي القرآني, ألا يدلّ هذا دلالة قاطعة على أن الله تعالى قد تعهَّد هذا القرآن منذ أن أنزله وإلى يوم القيامة؟
1ـ أول جزء في القرآن رقمه (1), وآخر جزء رقمه (30), بصفّ هذين الرقمين نجد عددًا جديدًا (301) من مضاعفات الرقم (7):
301 = 7 × 43
2ـ عدد سور القرآن (114) سورة مقسَّمة إلى (30) جزءًا, بصفّ هذين العددين نجد العدد التالي: (114 30) من مضاعفات الـ (7):
30114 = 7 × 4302
3ـ عدد آيات القرآن (6236) آية مقسمة إلى (30) جزءًا، بصفّ هذين العددين نجد العدد التالي (6236 30), من مضاعفات الرقم (7)!
306236 = 7 × 43748
والمذهل فعلاً أننا عندما نصفّ نواتج القسمة الثلاثة نجد عددًا ضخمًا من مضاعفات الرقم (7) مرتين:
43 4302 43748 = 7 × 7 × 892825107
كما أن مجموع أرقام هذا العدد هو عدد من مضاعفات الرقم (7) أيضًا:
3 + 4 +2 + 0 + 3 + 4 + 8 + 4 + 7 + 3 + 4 = 42 = 7×6
إذن كل شيء في كتاب الله يسير بنظام محكم, وسوف نرى في فقرة لاحقة أن النقطة في القرآن لها نظام مذهل! والآن نذهب لأطول آية في كتاب الله تعالى, هل تخفي وراءها أسرارًا رقمية؟
نظـام لعـدد الآيـات
لا يقتصر نظام سور القرآن على أقصر سورة وأطول سورة فقط, بل نجد نظامًا مذهلاً لعدد آيات كل سورة. فالقرآن كتاب مؤلف من (114) سورة: (19) سورة عدد آياتها من مرتبة واحدة (أي رقم واحد), (77) سورة عدد آياتها هو رقم مؤلف من مرتبتين, (18) سورة عدد آياتها مؤلف من ثلاث مراتب, نضع هذه الإحصاءات في جدول:
مرتبة مرتبتين ثلاث مراتب
19 77 18
إن العدد الذي يمثل هذه السور (19 77 18) من مضاعفات الرقم (7) لمرتين, لنرى مصداق ذلك رقميًا:
19 77 18 = 7 × 7 × 3831
وهكذا لو تبحَّرنا في أعماق هذا القرآن لرأينا إعجازًا وإعجازًا... وما هذا البحث إلا بداية لعلم ناشئ هو علم الإعجاز الرقمي للقرآن, فكما أن كلمات الله لانهاية لها, كذلك أرقام الله لانهاية لإعجازها.
قراءات القرآن
إن الذي يتبحرَّ في علوم القرآن يجد أن هنالك أكثر من رواية لكتاب الله، ويمكن القول إن للقرآن عشر قراءات أساسية، فلو فتحنا هذه المصاحف نجد أن هنالك تغيّراً في أرقام الآيات من مصحف لآخر. فما هو السرّ ؟
إن الله عز وجل ارتضى لكتابه هذه القراءات، ونحن على ثقة تامة بأن كل قراءة تخفي وراءها معجزة! وتعدد القراءات يعني تعدد المعجزات لكتاب الله، ونحن في هذا البحث قمنا بدراسة لغة الأرقام في المصحف الإمام الذي أيدينا الآن، وأرقامه ثابتة لا ريب فيها، وإنني على يقين بأنه لو تم إجراء دراسة مقارنة للغة الأرقام في روايات القرآن فسوف يتم اكتشاف معجزة مذهلة، ولكن أين من يبحث ويتفكر ويتدبر في هذا الكتاب العظيم؟
إن منهج البحث العلمي يقتضي تحديد المرجع، وهذا ما فعلناه في بحثنا، فالمرجع هو القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم، وهو المنتشر اليوم في العالم الإسلامي. كما أن المعاجم المفهرسة لألفاظ القرآن وبرامج الكمبيوتر ومراجع علوم القرآن،جميعها تعتمد الأرقام الواردة في هذا المصحف. وإن كل حرف وكل رقم وكل نقطة في هذا المصحف ليست من صنع البشر، ومع أن البشر هو الذين كتبوا المصحف ونقطوه ورقموا آياته وسوره، ولكن الله هو الذي تعهد بجمع القرآن.
وسوف نضرب مثالاً بسيطاً لتخيل حجم الإعجاز في كتاب الله: لو أن أحدنا أراد تأليف كتاب فإنه سيضع فيه قمَّة ما توصل إليه من علوم ولغة وبيان وجمال ودقة...، فكيف برب السماوات السبع سبحانه وتعالى؟ هل يسمح ليد أحدٍ أن تضيف شيئاً على كتابة إلا بما يشاء ويرضى عز وجل؟ بل هل يعجز تبارك شأنه عن تنظيم كلمات وآيات كتابة بنظام مُحكم؟
لذلك يمكننا القول بأن كل علوم الدنيا والآخرة موجودة في هذا القرآن، وما علم الرقميات الذي نكتشفه اليوم في كتاب الله إلا نقطة من بحر علوم القرآن! وتأمل معي ضخامة هذا المعنى حول كتاب الله وأنه قرآن يحوي من العلوم ما يفوق الخيال،
ويبقى السؤال: هل يوجد كتاب واحد في العالم يُقرأ على سبعة أو عشرة أوجه؟ إن تعدد قراءات القرآن هو معجزة بحدّ ذاته!
معجزة السبع المثاني
في القرآن الكريم
(القسم الأول)
قال الله تعالى عن سورة الفاتحة
وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ
[الحجر:15/87]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سورة الفاتحة
والذي نَفسي بيدهِ, ما أُنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها, هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته
[رواه الإمام أحمد].
مقدمة البحث
إن أجمل اللحظات هي تلك التي يعيشها المؤمن مع كتاب ربه... عندما يرى أسراراً جديدة تتجلى في آيات هذا الكتاب العظيم... عندما يمتزج العلم بالإيمان للوصول إلى الله سبحانه وتعالى...
وفي بحثنا هذا سورة عظمية هي التي أقسم الرسول الكريم بأن الله لم ينزل مثلها في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان، إنها السبع المثاني، وهي أمُّ القرآن، وهي فاتحة الكتاب...
واليوم نعيش لأول مرة مع معجزات هذه السورة بلغة القرن الواحد والعشرين (لغة الأرقام)، والحقائق الرقمية التي نكتشفها لا يمكن لأحدٍ أن يأتي بمثلها، وهي تدل دلالة قاطعة على أن هذا القرآن كتاب الله، ورسالته إلى البشر جميعاً.
وهذا هو الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام يحدثنا عن أعظم سورة في القرآن: إنها أُمُّ الكتاب, وهي السَّبْعُ المثاني, وهي سورة الفاتحة, حتى إن الله تعالى قدَّم ذكرها على ذكر القرآن بخطابه للحبيب الأعظم , فقال: (ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم) [الحجر15/87].
إنها السورة التي لا تَصِحُّ الصلاة إلا بها, فلا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب, وهي السورة التي وضَعَها رَبُّ العزَّةِ سبحانه في مقدمة كتابه لِعِظَم شأنها, واختار لآياتها الرقم (7), فجعلها سبع آيات.
ونتساءل بعد كل هذا: هل يوجد وراء هذه السورة معجزة عظيمة هيَّأها البارئ عزَّ وجلّ لمثل عصرنا هذا؟ عندما تحدَّى اللهُ تعالى البشر جميعًا أن يأتوا بسورة مثل القرآن, فهل وَضعَ في هذه السور براهين مادية على ذلك؟ كيف يمكن لهذه المعجزة أن تخاطب البشر جميعًا على اختلاف لغاتهم ومعتقداتهم؟
في هذا البحث العلمي سوف تتراءى أمامنا معجزة حقيقية بلغة يفهمها كل البشر: إنها لغة الأرقام التي لا يمكن لأحدٍ أن يجحدها. ولكن: لماذا جاءت هذه المعجزة الرقمية في عصرٍ كهذا؟
من عظمة المعجزة الإلهية لكتاب الله أنها مناسبة لكل العصور, ونحن الآن نقف على بداية القرن الواحد والعشرين, وقد بلغت لغة الأرقام آفاقًا واسعة لم تبلغها من قبل, فأصبحت لغةُ العلم والإقناع هي لغةَ الرقم, حتى إن أي بحث علمي لا يرقى لمستوى اليقين إلا إذا دُعم بالنتائج الرقمية الثابتة. كما لا يخفى على أحد التطور الكبير الذي يشهده عصرنا فيما يسمَّى بالتكنولوجيا الرقمية (الإنترنت, الكمبيوتر, الاتصالات الرقمية...).
إن فكرة هذا البحث بسيطة للغاية, فسورة الفاتحة هي عبارة عن بناء محكم من الكلمات والأحرف, وقد قُمنا بدراسة هذا البناء رقميًّا, فتبيَّن بما لا يقبل الشك أن أساس هذا البناء المذهل يقوم على الرقم (7). وهذا أمر بديهي, لأن الله تعالى هو الذي سمَّى هذه السورة بالسَّبْع المثاني, فنحن لم نأت بشيءٍ من عندنا, بل كل ما فعلناه هو اكتشاف علاقات رقمية موجودة أصلاً في هذه السورة!
إن المرجع لهذا البحث هو القرآن الكريم (بالرسم العثماني ورواية حفص عن عاصم), وبما أن كلمات وأحرف هذا القرآن ثابتة جاءت الحقائق الرقمية ثابتة أيضًا, هذه الحقائق المذهلة هي دليل قوي جدًا في هذا العصر على إعجاز القرآن, وأن الله تعالى قد حفظ كل حرفٍ فيه إلى يوم القيامة, فهو القائل: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحِجر: 15/9].
كما أن هذه الحقائق الرقمية الثابتة تُعتبر برهانًا ماديًا على استحالة الإتيان ولو بسورة مثل القرآن, وهنا نتذكّر قول الحقّ سبحانه وتعالى: (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) [البقرة: 2/23ـ24].
ولولا الأهمية القصوى لهذا الرقم لم نجده يتكرر كثيرًا من حولنا, فمنذ بداية خلق الكون اختار سبحانه وتعالى الرقم (7) ليجعل عدد السماوات سبعًا, حتى الذرَّة التي هي الوحدة الأساسية للبناء الكوني تتألف من سبع طبقات إلكترونية, أيام الأسبوع سبعة, السجود على سبعة أَعْظُم, الطواف (7) أشواط, وكذلك السعي بين الصفا والمروة... وأشياء يصعُب حصرُها... حتى جهنم التي أعدَّها الله تعالى لكل من لا يؤمن بهذا القرآن لها سبعة أبواب.
واليوم عندما نكتشف النظام المذهل القائم على هذا الرقم في أعظم كتاب ـ القرآن ـ ألا يدل هذا دلالة واضحة على أن خالق السماوات السبع هو نفسُه مُنزِّل القرآن؟ أنزله بعلمه وقدرته وقال فيه مخاطبًا البشر جميعًا: (أََفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً) [النساء: 4/82].
وسوف نشاهد كيف نظَّم الله جل وعلا كل حرف وكل كلمة وكل آية في سورة الفاتحة بنظام مُحكََم ومتكامل. فالله تبارك وتعالى هو الذي جعل هذه السورة سبع آيات، وهو الذي سماها بالسبع المثاني، وهو الذي أحكم حروف اسمه فيها بشكل يتناسب مع تسميتها، فجاء عدد حروف لفظ الجلالة (الله) ـ أي الألف وللام والهاء ـ في هذه السورة مساوياً بالتمام والكامل (49) حرفاً، أي سبعة في سبعة!!
حتى إن حروف (الم) ـ الألف واللام والميم ـ جاءت في هذه السورة بنظام مذهل يقوم على الرقم سبعة، وكذلك حروف (الر). ولو بحثنا في هذه السورة عن الحروف المشدَّدة لوجدنا عددها (14) حرفاً، أي سبعة في اثنان، ولو أحصينا عدد النقط في هذه السورة لرأينا بالضبط (56) نقطة، أي سبعة في ثمانية، ولو درسنا تركيب سورة الفاتحة لوجدنا أنها تركيب أساساً من (21) حرفاً أبجدياً، أي سبعة في ثلاثة، وهنالك سبعة أحرف لم تُذكر في هذه السورة، وهكذا علاقات لا تكاد تنتهي جميعها ترتبط مع الرقم سبعة ومضاعفاته.
ويمكن القول: لولا الأهمية البالغة للرقم سبعة لم يكن الله عز وجل ليسمِّي هذه السورة بالسبع المثاني! وقد تشير كلمة (المثاني) إلى التثنية والتكرار، أي مكررات أو مضاعفات الرقم سبعة. وهذا ما سوف نراه فعلاً في هذا البحث، فجميع الأرقام الواردة فيه هي من مكررات أو مضاعفات الرقم سبعة.
وأخيراً أسأل الباري سبحانه وتعالى أن يتقبل منا هذا العمل، وأن ينفع به كل من يطلع عليه، اللهم اجعل القرآن شفيعًا لنا يوم لقائك.
إشراقات لعلم جديد
إنـها شمس الإعجاز الرقمي تشرق على القرن الواحد والعشرين لتخاطب البشر جميعًا بلغة العصر ـ الأرقام. حقـائق رقمية مذهلة نكتشفـها اليوم في كتاب الله عزَّ وجلّ... فهل تخشع قلوبنا أمام عظمة كتاب الله؟ وهل نزدادُ يقينًا وإيمانًا وثقة بالله عزَّ وجلّ؟
آفاق الإعجاز الرقمي
هذا هو كتاب الله تبارك وتعالى, يخبرنا عن الحقائق الكونية والعلمية فيأتي العلم الحديث مصدقًًا لكلام الحقّ سبحانه وتعالى, وقبل ذلك تحدىَّ أرباب البلاغة واللغة فعجزوا أمامه, واعترفوا بضعفهم وعدم قدرتهم على الإتيان بمثله.
واليوم وكلما جدّ جديدِ في ميادين الفكر والعلم والمعرفة كان لكتاب الله عزَّ وجلّ السَّبْق في ذلك, حتى لا نكاد نجد شيئًا من العلم, إلا وفي كتاب الله إشارة واضحة وتفصيل بيِّن, وهذا ما أكده القرآن: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [يوسف: 12/111].
ونتساءل, ونحن نعيش عصر الرقميات, نرى فيه للغة الأرقام وجودًا قويًا أينما نظرنا من حولنا: الاتصالات الرقمية, السوبر كمبيوتر, عالم كامل من الإنترنت, أجهزة رقمية نكاد نعجز عن إحصائها... في عصرٍ كهذا, كيف يمكن لهذا القرآن ـ أعظم كتاب في العالم ـ أن يتحدَّى أرباب العلم الحديث بلغتهم التي يتقنونها جيدًا ـ الأرقام؟
وإذا كانت معجزة البلاغة القرآنية في زمن البلاغة قد جعلت المؤمنين الأوائل يدركون عظمة القرآن وثِقل كلام الله تعالى, فهل يمكن للمعجزة الرقمية في عصرنا هذا أن تجعلنا ندرك عَظَمة كتاب الله تعالى؟ وهل نزداد إيمانًا وثقة ويقيناً بالله سبحانه تعالى؟ وما كان الله تعالى ليذَرَ عباده المخلصين في عصر كهذا من دون أن يؤتيهم حُجَّة قوية على كل من يشُكّ بهذا القرآن, وليقولوا عندما يرون معجزات الله وآياته الكبرى: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [النمل: 27/93].
إنني على ثقة تامة بأن مستقبل علوم الإعجاز القرآني سيكون للإعجاز الرقمي, ولكن يجب ألا ننسى بأن المعجزة اللغوية للقرآن مستمرة في عصرنا هذا... ولكن أين من يبحث ويتدبَّر ويكتشف أسرار وعجائب القرآن التي لا تنقضي؟
ولكي ندرك عظمة البناء الرقمي لكتاب الله, يجب أن نتفكّر في هذا الكون وما فيه من نظام محكم, وكيف يرتبط مع الرقم (7).
القـرآن والكـون
لقد استطاع العلم الحديث أن يكشف الكثير من الحقائق الكونية, ومن هذه الحقائق أن الذرة التي هي وحدة البناء الأساسية للكون تتألف من (7) طبقات إلكترونية (ولا يمكن أن تكون أكثر من ذلك), وأن هذه الأرض التي نعيش عليها تتركب من (7) طبقات أيضاً, ويُضيف القرآن شيئًا جديدًا لم يكتشفه العلم بعد, وهو أن عدد السماوات سبع, يقول تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) [الطلاق: 65/12].
هذه الآية تُعبِّر تعبيرًا دقيقًا عن حكمة الرقم (7) في الكون وفي القرآن, فالله تعالى الذي خلق الكون, هو نفسه الذي أنزل القرآن, وكما أنه عزَّ وجلّ نظّم الكون بنظام يقوم على الرقم (7), كذلك نظّم القرآن بنظام يقوم على الرقم (7), وعندما نكتشف هذا الانسجام بين النظامين نستيقن ونعلم أن الله على كل شيء قدير, قدير على خلق الكون وإحكامِه, وقدير على تنزيل القرآن وإحكامه أيضًا, وقد أحاط بكل شيء علمًا: أحاط بأسرار الكون وبأسرار القرآن, ولا ننسى بأن الرقم سبعة يعني الكمال بين الأرقام!
ارتباط أول القرآن بآخره
هذه عظمة كتاب الله... كيفما نظرنا إليه وجدناه كتابًا مُحكمًا, ونسأل: إذا كان الله تعالى قد رتب ونظم وأحكم أول كلمة وآخر كلمة من كتابه بما يتفق حسابيًا مع الرقم (7), فهل يبقى هذا التنظيم الدقيق مستمرًا ليشمل أول سورة وآخر سورة في القرآن؟
أول سورة في القرآن كما نعلم هي سورة الفاتحة رقمها (1) وعدد آياتها (7), وآخر سورة في القرآن هي سورة الناس رقمها (114) وعدد آياتها (6), نصفّ هذه الأرقام على التسلسل:
أول سورة في القرآن آخر سورة في القرآن
رقم السورة عدد آياته رقم السورة عدد آياتها
1 7 114 6
والعدد (71 6114) من مضاعفات الرقم (7) لمرتين:
611471 = 7 × 7 × 12479
مع ملاحظة أن الناتج النهائي (12479) مجموع أرقامه هو:
9 + 7 + 4 + 2 + 1 = 23 بعدد سنوات نزول القرآن!
المعجزة لا تتوقف عند هذا الحد, بل تستمر لتشكل كلمات وأحرف كلتا السورتين, وإلى الجدول لنرى أن كل شيء في هذا القرآن هو بتقدير العزيز العليم:
أول سورة في القرآن آخر سورة في القرآن
رقمها آياتها كلماتها حروفها رقمها آياتها كلماتها حروفها
1 7 31 139 114 6 21 80
والعدد الضخم الناتج من صَفّ جميع هذه الأرقام ينقسم على (7) تمامًا:
1393171 80216114 = 7 × 114594448770453
ملاحظة: أحرف السور يتم إحصاؤها كما رُسمت في كتاب الله تعالى, وسوف نرى من خلال الفقرات القادمة أن رسم كلمات القرآن فيه معجزة مذهلة, فكل حرف في هذا القرآن قد وضعه الله تعالى بدقة متناهية يعجز البشر عن الإتيان بمثلها, لذلك: اقتصرنا في هذا البحث على الأحرف المرسومة في سورة الفاتحة، أما لفظ كلمات السورة وتعدد القراءات فسوف نفرد له بحثاً مستقلاً إن شاء الله تعالى، لأن المعجزة في الرسم واللفظ معاً.
أقصـر سـورة وأطـول سـورة
لقد تحدَّى ربُّ العزَّة سبحانه وتعالى البشر أن يأتوا بسورة مثل القرآن من أقصر سورة لأطول سورة. لذلك فقد اختار الله تعالى لكل سورة عددًا محددًا من الآيات بنظام يعتمد على الرقم (7) أيضًا, ويكفي أن ندرك العلاقة العجيبة بين آيات أقصر سورة وأطول سورة لنستيقن بحقيقة المعجزة الإلهية.
أقصر سورة في القرآن عدد آياتها (3) آيات, وأطول سورة في القرآن عدد آياتها (286) وعندما نَصُفُّ هذين العددين نجد عددًا جديدًا هو:
أقصر سورة أطول سورة
3 286
إن العدد (2863) ينقسم على (7) بالاتجاهين, أي هو و مقلوبه:
1) العدد: 2863 = 7 × 409
2) مقلوبه: 3682 = 7 × 526
والأجـزاء لها نظـام !
حتى التقسيمات التي أتت لاحقاً لأجزاء القرآن الثلاثين جاءت متوافقة بشكل مذهل مع الرقم(7), فكما نعلم منذ زمن بعيد تمّ تقسيم المصحف إلى (30) جزءًا بشكل متساوٍ تقريبًا, ومع أن هذا العمل تمّ بعد زمن الرسول بسنوات طويلة, وباجتهادٍ من علماء المسلمين, فقد جاء هذا التقسيم متناغمًا مع النظام الرقمي القرآني, ألا يدلّ هذا دلالة قاطعة على أن الله تعالى قد تعهَّد هذا القرآن منذ أن أنزله وإلى يوم القيامة؟
1ـ أول جزء في القرآن رقمه (1), وآخر جزء رقمه (30), بصفّ هذين الرقمين نجد عددًا جديدًا (301) من مضاعفات الرقم (7):
301 = 7 × 43
2ـ عدد سور القرآن (114) سورة مقسَّمة إلى (30) جزءًا, بصفّ هذين العددين نجد العدد التالي: (114 30) من مضاعفات الـ (7):
30114 = 7 × 4302
3ـ عدد آيات القرآن (6236) آية مقسمة إلى (30) جزءًا، بصفّ هذين العددين نجد العدد التالي (6236 30), من مضاعفات الرقم (7)!
306236 = 7 × 43748
والمذهل فعلاً أننا عندما نصفّ نواتج القسمة الثلاثة نجد عددًا ضخمًا من مضاعفات الرقم (7) مرتين:
43 4302 43748 = 7 × 7 × 892825107
كما أن مجموع أرقام هذا العدد هو عدد من مضاعفات الرقم (7) أيضًا:
3 + 4 +2 + 0 + 3 + 4 + 8 + 4 + 7 + 3 + 4 = 42 = 7×6
إذن كل شيء في كتاب الله يسير بنظام محكم, وسوف نرى في فقرة لاحقة أن النقطة في القرآن لها نظام مذهل! والآن نذهب لأطول آية في كتاب الله تعالى, هل تخفي وراءها أسرارًا رقمية؟
نظـام لعـدد الآيـات
لا يقتصر نظام سور القرآن على أقصر سورة وأطول سورة فقط, بل نجد نظامًا مذهلاً لعدد آيات كل سورة. فالقرآن كتاب مؤلف من (114) سورة: (19) سورة عدد آياتها من مرتبة واحدة (أي رقم واحد), (77) سورة عدد آياتها هو رقم مؤلف من مرتبتين, (18) سورة عدد آياتها مؤلف من ثلاث مراتب, نضع هذه الإحصاءات في جدول:
مرتبة مرتبتين ثلاث مراتب
19 77 18
إن العدد الذي يمثل هذه السور (19 77 18) من مضاعفات الرقم (7) لمرتين, لنرى مصداق ذلك رقميًا:
19 77 18 = 7 × 7 × 3831
وهكذا لو تبحَّرنا في أعماق هذا القرآن لرأينا إعجازًا وإعجازًا... وما هذا البحث إلا بداية لعلم ناشئ هو علم الإعجاز الرقمي للقرآن, فكما أن كلمات الله لانهاية لها, كذلك أرقام الله لانهاية لإعجازها.
قراءات القرآن
إن الذي يتبحرَّ في علوم القرآن يجد أن هنالك أكثر من رواية لكتاب الله، ويمكن القول إن للقرآن عشر قراءات أساسية، فلو فتحنا هذه المصاحف نجد أن هنالك تغيّراً في أرقام الآيات من مصحف لآخر. فما هو السرّ ؟
إن الله عز وجل ارتضى لكتابه هذه القراءات، ونحن على ثقة تامة بأن كل قراءة تخفي وراءها معجزة! وتعدد القراءات يعني تعدد المعجزات لكتاب الله، ونحن في هذا البحث قمنا بدراسة لغة الأرقام في المصحف الإمام الذي أيدينا الآن، وأرقامه ثابتة لا ريب فيها، وإنني على يقين بأنه لو تم إجراء دراسة مقارنة للغة الأرقام في روايات القرآن فسوف يتم اكتشاف معجزة مذهلة، ولكن أين من يبحث ويتفكر ويتدبر في هذا الكتاب العظيم؟
إن منهج البحث العلمي يقتضي تحديد المرجع، وهذا ما فعلناه في بحثنا، فالمرجع هو القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم، وهو المنتشر اليوم في العالم الإسلامي. كما أن المعاجم المفهرسة لألفاظ القرآن وبرامج الكمبيوتر ومراجع علوم القرآن،جميعها تعتمد الأرقام الواردة في هذا المصحف. وإن كل حرف وكل رقم وكل نقطة في هذا المصحف ليست من صنع البشر، ومع أن البشر هو الذين كتبوا المصحف ونقطوه ورقموا آياته وسوره، ولكن الله هو الذي تعهد بجمع القرآن.
وسوف نضرب مثالاً بسيطاً لتخيل حجم الإعجاز في كتاب الله: لو أن أحدنا أراد تأليف كتاب فإنه سيضع فيه قمَّة ما توصل إليه من علوم ولغة وبيان وجمال ودقة...، فكيف برب السماوات السبع سبحانه وتعالى؟ هل يسمح ليد أحدٍ أن تضيف شيئاً على كتابة إلا بما يشاء ويرضى عز وجل؟ بل هل يعجز تبارك شأنه عن تنظيم كلمات وآيات كتابة بنظام مُحكم؟
لذلك يمكننا القول بأن كل علوم الدنيا والآخرة موجودة في هذا القرآن، وما علم الرقميات الذي نكتشفه اليوم في كتاب الله إلا نقطة من بحر علوم القرآن! وتأمل معي ضخامة هذا المعنى حول كتاب الله وأنه قرآن يحوي من العلوم ما يفوق الخيال،
ويبقى السؤال: هل يوجد كتاب واحد في العالم يُقرأ على سبعة أو عشرة أوجه؟ إن تعدد قراءات القرآن هو معجزة بحدّ ذاته!