كل شئ عــــن العيـــــــد (صلاته و احكامه و سننه و آدابه)
{العيد : صلاته . احكامه . سننه . آدابه}
صَلاَةُ الْعِيدَيْن *
حكمة مشروعيّتها :
الحكمة من مشروعيّة العيدين : أنّ كلّ قوم لهم يوم يتجمّلون فيه ويخرجون من بيوتهم بزينتهم . فقد ورد عن أنس - رضي الله عنه - أنّه قال : « كان لأهل الجاهليّة يومان في كلّ سنة يلعبون فيهما ،فلمّا قدم النّبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة قال : كان لكم يومان تلعبون فيهما وقد أبدلكم اللّه بهما خيراً منهما : يوم الفطر ويوم الأضحى » .
حكم صلاة العيدين :
صلاة العيدين واجبة على القول الصّحيح المفتى به عند الحنفيّة - والمراد من الواجب عند الحنفيّة : أنّه منزلة بين الفرض والسّنّة - ودليل ذلك : مواظبة النّبيّ صلى الله عليه وسلم عليها من دون تركها ولو مرّةً ، وأنّه لا يصلّي التّطوّع بجماعة - ما خلا قيام رمضان وكسوف الشّمس وصلاة العيدين فإنّها تؤدّى بجماعة ، فلو كانت سنّةً ولم تكن واجبةً لاستثناها الشّارع كما استثنى التّراويح وصلاة الخسوف .
أمّا الشّافعيّةوالمالكيّة : فقد ذهبوا إلى القول بأنّها سنّة مؤكّدة . ودليلهم على ذلك : « قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصّحيح للأعرابيّ - وكان قد ذكر له الرّسول صلى الله عليه وسلم الصّلوات الخمس فقال له : هل عليّ غيرهنّ ؟ قاللا ، إلاّ أن تطوّع » . قالوا : ولأنّها صلاة ذات ركوع وسجود لم يشرع لها أذان فلم تجب بالشّرع ، كصلاة الضّحى . وذهب الحنابلة إلى القول بأنّها فرض كفاية ؛لقوله تعالى : { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } الكوثر2 ، ولمداومة الرّسول صلى الله عليه وسلم على فعلها .
شروطها :
شروط الوجوب :
شروط وجوب صلاة العيدين عند الحنفيّة : هي بعينها شروط وجوب صلاة الجمعة . فيشترط لوجوبها .
أ - الإمام
ب - المصر .
ج - الجماعة .
د - الوقت .
ه - الذّكورة .
و - الحرّيّة .
ز - صحّة البدن .
ح - الإقامة .
إلاّ الخطبة ، فإنّها سنّة بعد الصّلاة .
قال الكاسانيّ في بدائع الصّنائع - وهو يقرّر أدلّة هذه الشّروط - : أمّا الإمام فشرط عندنا لما ذكرنا في صلاة الجمعة ، وكذا المصر لما روينا عن عليّ - رضي الله عنه - أنّه قال : لا جمعة ولا تشريق ولا فطر ولا أضحى إلاّ في مصر جامع . ولم يرد بذلك نفس الفطر ونفس الأضحى ونفس التّشريق ؛ لأنّ ذلك ممّا يوجد في كلّ موضع ، بل المراد من لفظ الفطر والأضحى صلاة العيدين ؛ ولأنّها ما ثبتت بالتّوارث من الصّدر الأوّل إلاّ في الأمصار . والجماعة شرط لأنّها ما أدّيت إلاّ بجماعة ، والوقت شرط فإنّها لا تؤدّى إلاّ في وقت مخصوص ، به جرى التّوارث وكذا الذّكورة والعقل والبلوغ والحرّيّة وصحّةالبدن ، والإقامة من شروط وجوبها كما هي من شروط وجوب الجمعة ؛ لما ذكرنا في صلاةالجمعة ، ولأنّ تخلّف شرط من هذه الشّروط يؤثّر في إسقاط الفرض فلأن تؤثّر في إسقاط الواجب أولى . وأمّا الحنابلة - وصلاة العيدين عندهم فرض كفاية كما سبق بيانه - فإنّما شرطوا لفرضيّتها: الاستيطان ، والعدد المشترط للجمعة .
والمالكيّة - وهم من القائلين بأنّ صلاة العيدين سنّة مؤكّدة - شرطوا لذلك ، أي لتأكيد سنّيّتها : تكامل شروط وجوب الجمعة ، وأن لا يكون المصلّي متلبّساً بحجّ .
فإذا فقد أحد الشّروط نظر : فإن كان المفقود هو عدم التّلبّس بالحجّ فصلاة العيد غير مطلوبة بأيّ وجه من وجوه الطّلب ، وإن كان المفقود هو أحد شروط وجوب الجمعة ، كالمرأة والمسافر ، فهي في حقّهم مستحبّة وليست بسنّة مؤكّدة . قال الصّفتيّ : وهي سنّة في حقّ من يؤمر بالجمعة وجوباً إلاّ الحاجّ فلاتسنّ له ولا تندب ، وأمّا المرأة والصّبيّ والمسافر فتستحبّ في حقّهم .
وذهب الشّافعيّة إلى أنّها سنّة مؤكّدة في حقّ كلّ مكلّف ذكراً كان أو أنثى ، مقيماً أو مسافراً، حرّاً أو عبداً ،ولم يشترطوا لسنّيّتها شرطاً آخر غير التّكليف .
وقالوا باشتراط عدم التّلبّس بالحجّ لأدائها جماعةً ، أي فالحاجّ تسنّ له صلاة العيد منفرداً لا جماعةً .
______________
شروط الصّحّة :
كلّ ما يعتبر شرطاً فيصحّة صلاة الجمعة ، فهو شرط في صحّة صلاة العيدين أيضاً ، ما عدا الخطبة فهي هنا ليست شرطاً في صحّة العيدين وإنّما هي سنّة .
ويستثنى - أيضاً - شرط عدم التّعدّد " راجع صلاة الجمعة " فلا يشترط ذلك لصلاة العيد ، قال الحصكفيّ : وتؤدّى بمصر واحد في مواضع كثيرة اتّفاقاً ، وقال ابن عابدين : مقرّراً هذا الكلام : والخلاف إنّما هو في الجمعة ،
فيشترط لصحّتها : أ - الإمام ، ب - والمصر ، ج - والجماعة ، د - والوقت .
وقد مرّ أنّها شروط للوجوب أيضاً .
هذا عند الحنفيّة ، أمّا الحنابلة فقد اشترطوا الوقت والجماعة.
ولم يشترط المالكيّة والشّافعيّة لصحّة صلاة العيدين شيئاً من هذه الشّروط إلاّ الوقت .
أمّا الشّروط الّتي هي قدر مشترك في صحّة الصّلوات المختلفة من طهارة واستقبال قبلة ... إلخ فليس فيها من خلاف .
المرأة وصلاة العيدين :
ذهب المالكيّة ،والشّافعيّة ، والحنابلة إلى كراهة خروج الشّابّات وذوات الجمال لصلاة العيدين لما في ذلك من خوف الفتنة ، ولكنّهم استحبّوا في المقابل خروج غير ذوات الهيئات منهنّ واشتراكهنّ مع الرّجال في الصّلاة .
وذلك للحديث المتّفق عليه عن أمّ عطيّة : « كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يخرج العواتق وذوات الخدور والحيّض في العيد ، فأمّا الحيّض فكنّ يعتزلن المصلّى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين » .
ولكن ينبغي أن يخرجن في ثياب لاتلفت النّظر دون تطيّب ولا تبرّج .
ويختلف الحكم عند الحنفيّة في إباحة خروج النّساء إلى صلاة العيدين بين كون المرأة شابّةً أو عجوزاً . أمّا الشّابّات من النّساء وذوات الجمال منهنّ ، فلا يرخّص لهنّ في الخروج إلى صلاة العيد ولا غيرها كصلاة الجمعة ونقل الكاسانيّ إجماع أئمّة المذهب الحنفيّ عليه ، وذلك لقوله تعالى : {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ }الأحزاب33
وأمّا العجائز فلا خلاف أنّه يرخّص لهنّ الخروج للعيد وغيره من الصّلوات . غير أنّ الأفضل على كلّ حال أن تصلّي المرأة في بيتها . واختلفت الرّواية عن أبي حنيفة : هل تخرج المرأة للصّلاة أم لتكثير سواد المسلمين ؟ .
وقت أدائها :
6 - ذهب جمهور الفقهاء - الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة - إلى أنّ وقت صلاة العيدين يبتدئ عند ارتفاع الشّمس قدر رمح بحسب رؤية العين المجرّدة - وهو الوقت الّذي تحلّ فيه النّافلة - ويمتدّ وقتها إلى ابتداء الزّوال .
وقال الشّافعيّة : إنّ وقتها ما بين طلوع الشّمس وزوالها ، ودليلهم على أنّ وقتها يبدأ بطلوع الشّمس أنّها صلاة ذات سبب فلا تراعى فيها الأوقات الّتي لا تجوز فيها الصّلاة .
أمّا الوقت المفضّل لها ، فهو عند ارتفاع الشّمس قدر رمح، إلاّ أنّه يستحبّ عدم تأخيرها عن هذا الوقت بالنّسبة لعيد الأضحى ، وذلك كي يفرغالمسلمون بعدها لذبح أضاحيهم ، ويستحبّ تأخيرها قليلاً عن هذا الوقت بالنّسبة لعيد الفطر ، وذلك انتظاراً لمن انشغل في صبحه بإخراج زكاة الفطر .
وهذا محلّ اتّفاق عند سائرالأئمّة ، ودليلهم على ما ذهبوا إليه من التّفريق بين صلاتي الفطر والأضحى : « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كتب إلى بعض الصّحابة : أن يقدّم صلاة الأضحى ويؤخّر صلاة الفطر » .
حكمها بعد خروج وقتها :
لفوات صلاة العيد عن وقتها ثلاث صور :
الصّورة الأولى : أن تؤدّى صلاة العيد جماعةً في وقتها من اليوم الأوّل ولكنّها فاتت بعض الأفراد ،وحكمها في هذه الصّورة أنّها فاتت إلى غير قضاء ، فلا تقضى مهما كان العذر ؛ لأنّها صلاة خاصّة لم تشرع إلاّ في وقت معيّن وبقيود خاصّة ، فلا بدّ من تكاملها جميعاً ،ومنها الوقت . وهذا عند الحنفيّة والمالكيّة .
وأمّا الشّافعيّة : فقد أطلقوا القول بمشروعيّة قضائها - على القول الصّحيح في المذهب - في أيّ وقت شاء وكيفما كان : منفرداً أو جماعةً ،وذلك بناءً على أصلهم المعتمد ، وهو أنّ نوافل الصّلاة كلّها يشرع قضاؤها .
وأمّا الحنابلة : فقالوا : لاتقضى صلاة العيد ، فإن أحبّ قضاءها فهو مخيّر إن شاء صلّاها أربعاً ، إمّا بسلام واحد ، وإمّا بسلامين .
الصّورةالثّانية : أن لا تكون صلاة العيد قد أدّيت جماعةً في وقتها من اليوم الأوّل ، وذلك إمّا بسبب عذر : كأن غمّ عليهم الهلال وشهد شهود عند الإمام برؤية الهلال بعد الزّوال ، وإمّا بدون عذر .
ففي حالة العذر يجوز تأخيرها إلى اليوم الثّاني سواء كان العيد عيد فطر أو أضحى ؛ لأنّه قد ثبت عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « أنّ قوماً شهدوا برؤية الهلال في آخر يوم من أيّام رمضان ، فأمر عليه الصلاة والسلام بالخروج إلى المصلّى من الغد » .
وهذا عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة فيشرع قضاء صلاة العيد في اليوم الثّاني عند تأخّر الشّهادة برؤية الهلال . أمّا المالكيّة : فقد أطلقوا القول بعدم قضائها فيمثل هذه الحال .
إلاّ أنّ الشّافعيّة لا يعتبرون صلاتها في اليوم الثّاني قضاءً إذا تأخّرت الشّهادة في اليوم الّذي قبله إلى ما بعد غروب الشّمس . بل لا تقبل الشّهادة حينئذ ويعتبر اليوم الثّاني أوّل أيّام العيد، فتكون الصّلاة قد أدّيت في وقتها .
الصّورة الثّالثة : أن تؤخّرصلاة العيد عن وقتها بدون العذر الّذي ذكرنا في الصّورة الثّانية . فينظر حينئذ : إن كان العيد عيد فطر سقطت أصلًا ولم تقض . وإن كان عيد أضحى جاز تأخيرها إلى ثالث أيّام النّحر ، أي يصحّ قضاؤها في اليوم الثّاني ، وإلاّ ففي اليوم الثّالث من ارتفاع الشّمس في السّماء إلى أوّل الزّوال ، سواء كان ذلك لعذر أو لغير عذر ولكن تلحقه الإساءة إن كان غير معذور بذلك .
مكان أدائها :
كلّ مكان طاهر ، يصلح أن تؤدّى فيه صلاة العيد ، سواء كان مسجداً أو عرصةً وسط البلد أو مفازةً خارجها . إلاّ أنّه يُسنّ الخروج لها إلىالصّحراء أو إلى مفازة واسعة خارج البلد تأسّياً بما كان يفعله رسول اللّه صلى الله عليه وسلم .
ولا بأس أن يستخلف الإمام غيره في البلدة ليصلّي في المسجد بالضّعفاء الّذين لا طاقة لهم بالخروج لها إلى الصّحراء .
ولم يخالف أحد من الأئمّة في ذلك ، إلاّ أنّ الشّافعيّة قيّدوا أفضليّة الصّلاة في الصّحراء بما إذا كان مسجد البلد ضيّقاً .
وإن كان المسجد واسعاً لا يتزاحم فيه النّاس ، فالصّلاة فيه أفضل ؛ لأنّ الأئمّة لم يزالوا يصلّون صلاة العيد بمكّة في المسجد ؛ ولأنّ المسجد أشرف وأنظف . ونقل صاحب المهذّب عن الشّافعيّ قوله : إن كان المسجد واسعاً فصلّى في الصّحراء فلا بأس ، وإن كان ضيّقاً فصلّى فيه ولم يخرج إلى الصّحراء كرهت ؛ لأنّه إذا ترك المسجد وصلّى في الصّحراء لم يكن عليهم ضرر ، وإذا ترك الصّحراء وصلّى في المسجد الضّيّق تأذّوا بالزّحام ، وربّما فات بعضهم الصّلاة .
-------------------------
كيفيّة أدائها :
أوّلاً - الواجب من ذلك :
صلاة العيد ، لها حكم سائر الصّلوات المشروعة ، فيجب ويفرض فيها كلّ ما يجب ويفرض في الصّلوات الأخرى .
ويجب فيها - زيادةً على ذلك - مايلي :
أوّلاً : - أن تؤدّى في جماعة وهو قول الحنفيّة والحنابلة .
ثانياً : - الجهر بالقراءة فيها ، وذلك للنّقل المستفيض عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم .
ثالثاً : أن يكبّر المصلّي ثلاث تكبيرات زوائد بين تكبيرة الإحرام والرّكوع في الرّكعة الأولى ، وأن يكبّر مثلها - أيضاً - بين تكبيرة القيام والرّكوع في الرّكعة الثّانية .
وسيّان " بالنّسبة لأداء الواجب " أن تؤدّى هذه التّكبيرات قبل القراءة أو بعدها ، مع رفع اليدين أو بدونهما ، ومع السّكوت بين التّكبيرات أو الاشتغال بتسبيح ونحوه .
أمّا الأفضل فسنتحدّث عنه عند البحث في كيفيّتها المسنونة .
فمن أدرك الإمام بعد أن كبّر هذه التّكبيرات : فإن كان لايزال في القيام كبّر المؤتمّ لنفسه بمجرّد الدّخول في الصّلاة ، وتابع الإمام . أمّا إذا أدركه راكعاً فليركع معه ، وليكبّر تكبيرات الزّوائد أثناء ركوعه بدل من تسبيحات الرّكوع .
وهذه التّكبيرات الزّائدة قد خالف في وجوبها المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ، ثمّ اختلفوا في عدد هذه التّكبيرات ومكانها .
فالشّافعيّة قالوا :هي سبع في الرّكعة الأولى بين تكبيرة الإحرام وبدء القراءة ، وخمس في الرّكعة الثّانية بين تكبيرة القيام وبدء القراءة أيضاً .
وذهب المالكيّة والحنابلة إلى أنّها ستّ تكبيرات في الرّكعة الأولى عقب تكبيرة الإحرام ، وخمس في الثّانية عقب القيام إلى الرّكعة الثّانية أي قبل القراءة في الرّكعتين .
والجهر بالقراءة واجب عند الحنفيّة فقط . واتّفق الجميع على مشروعيّته .
ثانياً : المندوب من ذلك :
يندب في صلاة العيدين كلّ ما يندب في الصّلوات الأخرى : فعلاً كان ، أو قراءةً ، وتختصّ صلاة العيدين بمندوبات أخرى نجملها فيما يلي :
أوّلاً - يسنّ أن يسكت بين كلّ تكبيرتين من التّكبيرات الزّوائد قدر ثلاث تسبيحات ولا يسنّ أن يشتغل بينهما بذكر أو تسبيح .
ثانياً - يسنّ أن يرفع يديه عند التّكبيرات الزّوائد إلى شحمة أذنيه ، بخلاف تكبيرة الرّكوع فلا يرفع يديه عندها .
ثالثاً - يسنّ أن يوالي بين القراءة في الرّكعتين ، وذلك بأن يكبّر التّكبيرات الزّوائد في الرّكعة الأولى قبل القراءة ، وفي الرّكعة الثّانية بعدها ، فتكون القراءتان متّصلتين على ذلك. رابعاً - يسنّ أن يقرأ في الرّكعة الأولى سورة الأعلى وفي الرّكعة الثّانية سورة الغاشية ولا يلتزمهما دائماً كي لا يترتّب على ذلك هجر بقيّة سور القرآن .
خامساً - يسنّ أن يخطب بعدها خطبتين ، لا يختلف في كلّ منهما في واجباتها وسننها عن خطبتي الجمعة .
إلاّ أنّه يستحبّ أن يفتتح الأولى منهما بتسع تكبيرات متتابعات والثّانية بسبع مثلها .
هذا ولا يشرع لصلاة العيد أذان ولا إقامة ، بل ينادى لها : الصّلاة جامعةً .
13 - ولها - أيضاً - سُنن تتّصل بها وهي قبل الصّلاة أو بعدها نجملها فيما يلي :
أوّلاً : أن يطعم شيئاً قبل غدوّه إلى الصّلاة إذا كان العيد عيد فطر ، ويسنّ أن يكون المطعوم حلوًا كتمر ونحوه ، لما روى البخاريّ « أنّه صلى الله عليه وسلم كان لا يغدو يوم الفطر حتّى يأكل تمرات » .
ثانياً : يسنّ أن يغتسل ويتطيّب ويلبس أحسن ثيابه .
ثالثاً : يسنّ الخروج إلى المصلّى ماشياً ، فإذا عاد ندب له أن يسير من طريق أخرى غير الّتي أتى منها . ولابأس أن يعود راكباً .
ثمّ إن كان العيد فطراً سنّ الخروج إلى المصلّى بدون جهر بالتّكبير في الأصحّ عند الحنفيّة .
رابعاً : إن كان أضحى فيسنّ الجهر بالتّكبير في الطّريق إليه .
قال في الدّرّ المختار : قيل : وفي المصلّى أيضاً وعليه عمل النّاس اليوم .
واتّفقت بقيّة الأئمّة مع الحنفيّة في استحباب الخروج إلى المصلّى ماشياً والعود من طريق آخر ، وأن يطعم شيئاً يوم عيد الفطر قبل خروجه إلى الصّلاة ، وأن يغتسل ويتطيّب ويلبس أحسن ثيابه .
أمّا التّكبير في الطّريق إلى المصلّى فقد خالف الحنفيّة في ذلك كلّ من المالكيّة والحنابلة ، والشّافعيّة ،فذهبوا إلى أنّه يندب التّكبير عند الخروج إلى المصلّى والجهر به في كلّ من عيدي الفطر والأضحى .
وأمّا التّكبير في المصلّى : فقد ذهبت الشّافعيّة " في الأصحّ من أقوال ثلاثة " إلى أنّه يسنّ للنّاس الاستمرار في التّكبير إلى أن يُحرم الإمام بصلاة العيد .
وذهب المالكيّة - أيضاً - إلى ذلك استحساناً . قال العلّامة الدّسوقيّ في حاشيته على الشّرح الكبير : وأمّا التّكبير جماعةً وهم جالسون في المصلّى فهذا هو الّذي استحسن ، وهو رأي عند الحنابلة أيضاً .
وأمّا التّكبيرات الزّوائد في الصّلاة : فقد خالف الحنفيّة في استحباب موالاتها ، وعدم فصل أيّ ذكر بينها كلّ من الحنابلة والشّافعيّة حيث ذهب هؤلاء جميعاً إلى أنّه يستحبّ أن يفصل بينها بذكر ، وأفضله أن يقول : سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلاّ اللّه واللّه أكبر . أو يقول: اللّه أكبر كبيراً والحمد للّه كثيراً وسبحان اللّه وبحمده بكرةً وأصيلاً .
كما خالف المالكيّة في استحباب رفع اليدين عند التّكبيرات الزّوائد ،فذهبوا إلى أنّ الأفضل عدم رفع اليدين عند شيء منها .
كما خالف المالكيّة ، في عدد التّكبيرات الّتي يستحبّ افتتاح الخطبة بها . ويستحبّ عندهم أن تفتتح الخطبة بالتّكبير ولا تحديد للعدد عندهم .
وذهب الحنفيّة إلى أنّه لا سنّة لها قبليّةً ولا بعديّةً ، ولا تصلّى أي نافلة قبلها وقبل الفراغ من خطبتها؛ لأنّ الوقت وقت كراهة ، فلا يصلّى فيه غير العيد . أمّا بعد الفراغ من الخطبة فلا بأس بالصّلاة .
وذهب الشّافعيّة إلى أنّه لا يكره التّنفّل قبلها ولا بعدها لما عدا الإمام ، سواء صلّيت في المسجد أو المصلّى .
وفصَّل المالكيّة فقالوا : يكره التّنفّل قبلها وبعدها إلى الزّوال ، إن أدّيت في المصلّى ولا يكره إن أدّيت في المسجد .
وللحنابلة تفصيل آخر فقد قالوا : لا يتنفّل قبل الصّلاة ولا بعدها كلّ من الإمام والمأموم ،في المكان الّذي صلّيت فيه ، فأمّا في غير موضعها فلا بأس .
-------------------------
مفسدات صلاة العيد :
لصلاة العيد مفسدات مشتركة ومفسدات خاصّة .
أمّا مفسداتها المشتركة : فهي مفسدات سائر الصّلوات .
وأمّا مفسداتها الخاصّة بها ، فتلخّص في أمرين :
الأوّل : أن يخرج وقتها أثناء أدائها بأن يدخل وقت الزّوال ، فتفسد بذلك . قال ابن عابدين : أي يفسد وصفها وتنقلب نفلاً ، اتّفاقاً إن كان الزّوال قبل القعود قدر التّشهّد ، وعلى قول الإمام أبي حنيفة إن كان بعده .
الثّاني : انفساخ الجماعة أثناء أدائها . فذلك - أيضاً - من مفسدات صلاة العيد .
وهل يشترط لفسادها أن تفسخ الجماعة قبل أن تقيّد الرّكعة الأولى بالسّجدة ، أم تفسد مطلقاً ؟ يرد في ذلك خلاف وتفصيله في مفسدات صلاة الجمعة .
وخالف المالكيّة والشّافعيّة بالنّسبة لانفساخ الجماعة .
ما يترتّب على فسادها :
قال صاحب البدائع : إن فسدت صلاة العيد بما تفسد به سائر الصّلوات من الحدث العمد وغير ذلك ، يستقبل الصّلاة على شرائطها ، وإن فسدت بخروج الوقت ، أو فاتت عن وقتها مع الإمام سقطت ولايقضيها عندنا .
وسائر الأئمّة متّفقون على أنّ صلاة العيد إذا فسدت بما تفسد به سائر الصّلوات الأخرى ، تستأنف من جديد .
أمّا إن فسدت بخروج الوقت فقد اختلفوا في حكم قضائها أو إعادتها ،
شعائر وآداب العيد :
أمّا شعائره فأبرزها : التّكبير .
وصيغته : اللّه أكبر اللّه أكبر لا إله إلاّ اللّه ، واللّه أكبر اللّه أكبر ، وللّه الحمد .
وخالفت الشّافعيّة والمالكيّة ،فذهبوا إلى جعل التّكبيرات الأولى في الصّيغة ثلاثاً بدل إثنتين .
وأمّا حكمه ومكانه في عيد الأضحى ، فيجب التّكبير مرّةً عقب كلّ فرض أدّي جماعةً ، أو قضي في أيّام العيد ،ولكنّه كان متروكاً فيها ، من بعد فجر يوم عرفة إلى ما بعد عصر يوم العيد .
وذهب أبو يوسف ومحمّد " وهوالمعتمد في المذهب " إلى أنّه يجب بعد كلّ فرض مطلقاً ، ولو كان المصلّي منفرداً أومسافراً أو امرأةً ، من فجر يوم عرفة إلى ما بعد عصر اليوم الثّالث من أيّام التّشريق .
أمّا ما يتعلّق بحكم التّكبير : فسائر المذاهب على أنّ التّكبير سنّة أو سنّة مؤكّدة وليس بواجب .
والمالكيّة يشرع التّكبير عندهم إثر خمس عشرة صلاةً تبدأ من ظهر يوم النّحر .
وأمّا ما يتعلّق بنوع الصّلاة الّتي يشرع بعدها التّكبير : فقد اختلفت في ذلك المذاهب : فالشّافعيّة على أنّه يشرع التّكبير عقب كلّ الصّلوات فرضاً كانت أم نافلةً على اختلافها لأنّ التّكبير شعار الوقت فلا يختصّ بنوع من الصّلاة دون آخر .
والحنابلة على أنّه يختصّ بالفروض المؤدّاة جماعةً من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيّام التّشريق ، فلا يشرع عقب ما أدّي فرادى من الصّلوات .
والمالكيّة على أنّه يشرع عقب الفرائض الّتي تصلّى أداءً، فلا يشرع عقب ما صلّي من ذلك قضاءً مطلقاً أي سواء كان متروكات العيد أم لا .
وأمّا آدابه فمنها :
الاغتسال ويدخل وقته بنصف اللّيل ، والتّطيّب ، والاستياك ، ولبس أحسن الثّياب . ويُسنّ أن يكون ذلك قبل الصّلاة ، وأداء فطرته قبل الصّلاة .
ومن آداب العيد : إظهار البشاشة والسّرور فيه أمام الأهل والأقارب والأصدقاء ، وإكثار الصّدقات . قال في الدّرّ المختار : والتّهنئة بتقبّل اللّه منّا ومنكم لا تنكر .
ونقل ابن عابدين الخلاف في ذلك ثمّ صحّح القول بأنّ ذلك حسن لا ينكر ، واستند في تصحيحه هذا إلى ما نقله عن المحقّق ابن أمير الحاجّ منقوله : بأنّ ذلك مستحبّ في الجملة . وقاس على ذلك ما اعتاده أهل البلاد الشّاميّة والمصريّة من قولهم لبعض : عيد مبارك .
وذكر الشّهاب ابن حجر - أيضاً - أنّ هذه التّهنئة على اختلاف صيغها مشروعة ، واحتجّ له بأنّ البيهقيّ عقد له باباً فقال : باب ما روي في قول النّاس بعضهم لبعض في العيد : تقبّل اللّه منّا ومنكم ، وساق فيه ما ذكره من أخبار وآثار ضعيفة لكن مجموعها يحتجّ به في مثل ذلك ، ثمّ قال الشّهاب : ويحتجّ لعموم التّهنئة بسبب ما يحدث من نعمة ، أو يندفع من نقمة بمشروعيّة سجود الشّكر ، وبما في الصّحيحين« عن كعب بن مالك في قصّة توبته لمّا تخلّف في غزوة تبوك : أنّه لمّا بشّر بقبول توبته مضى إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم قام إليه طلحة بن عبيد اللّه
فهنّأه » .
كما يكره حمل السّلاح فيه ، إلاّ أن يكون مخافة عدوّ مثلاً ؛ لما ور دفي ذلك من النّهي عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم .
----------
تم بحمد الله وعونه ... نسأل الله سبحانه وتعالى
أن يغفر لنا ولكم ... وأن يكون عيدا ً طيبا ً مباركا ً
علينا وعليكم وعلى الأمة الإسلامية جمعـــــاء .
{العيد : صلاته . احكامه . سننه . آدابه}
صَلاَةُ الْعِيدَيْن *
حكمة مشروعيّتها :
الحكمة من مشروعيّة العيدين : أنّ كلّ قوم لهم يوم يتجمّلون فيه ويخرجون من بيوتهم بزينتهم . فقد ورد عن أنس - رضي الله عنه - أنّه قال : « كان لأهل الجاهليّة يومان في كلّ سنة يلعبون فيهما ،فلمّا قدم النّبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة قال : كان لكم يومان تلعبون فيهما وقد أبدلكم اللّه بهما خيراً منهما : يوم الفطر ويوم الأضحى » .
حكم صلاة العيدين :
صلاة العيدين واجبة على القول الصّحيح المفتى به عند الحنفيّة - والمراد من الواجب عند الحنفيّة : أنّه منزلة بين الفرض والسّنّة - ودليل ذلك : مواظبة النّبيّ صلى الله عليه وسلم عليها من دون تركها ولو مرّةً ، وأنّه لا يصلّي التّطوّع بجماعة - ما خلا قيام رمضان وكسوف الشّمس وصلاة العيدين فإنّها تؤدّى بجماعة ، فلو كانت سنّةً ولم تكن واجبةً لاستثناها الشّارع كما استثنى التّراويح وصلاة الخسوف .
أمّا الشّافعيّةوالمالكيّة : فقد ذهبوا إلى القول بأنّها سنّة مؤكّدة . ودليلهم على ذلك : « قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصّحيح للأعرابيّ - وكان قد ذكر له الرّسول صلى الله عليه وسلم الصّلوات الخمس فقال له : هل عليّ غيرهنّ ؟ قاللا ، إلاّ أن تطوّع » . قالوا : ولأنّها صلاة ذات ركوع وسجود لم يشرع لها أذان فلم تجب بالشّرع ، كصلاة الضّحى . وذهب الحنابلة إلى القول بأنّها فرض كفاية ؛لقوله تعالى : { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } الكوثر2 ، ولمداومة الرّسول صلى الله عليه وسلم على فعلها .
شروطها :
شروط الوجوب :
شروط وجوب صلاة العيدين عند الحنفيّة : هي بعينها شروط وجوب صلاة الجمعة . فيشترط لوجوبها .
أ - الإمام
ب - المصر .
ج - الجماعة .
د - الوقت .
ه - الذّكورة .
و - الحرّيّة .
ز - صحّة البدن .
ح - الإقامة .
إلاّ الخطبة ، فإنّها سنّة بعد الصّلاة .
قال الكاسانيّ في بدائع الصّنائع - وهو يقرّر أدلّة هذه الشّروط - : أمّا الإمام فشرط عندنا لما ذكرنا في صلاة الجمعة ، وكذا المصر لما روينا عن عليّ - رضي الله عنه - أنّه قال : لا جمعة ولا تشريق ولا فطر ولا أضحى إلاّ في مصر جامع . ولم يرد بذلك نفس الفطر ونفس الأضحى ونفس التّشريق ؛ لأنّ ذلك ممّا يوجد في كلّ موضع ، بل المراد من لفظ الفطر والأضحى صلاة العيدين ؛ ولأنّها ما ثبتت بالتّوارث من الصّدر الأوّل إلاّ في الأمصار . والجماعة شرط لأنّها ما أدّيت إلاّ بجماعة ، والوقت شرط فإنّها لا تؤدّى إلاّ في وقت مخصوص ، به جرى التّوارث وكذا الذّكورة والعقل والبلوغ والحرّيّة وصحّةالبدن ، والإقامة من شروط وجوبها كما هي من شروط وجوب الجمعة ؛ لما ذكرنا في صلاةالجمعة ، ولأنّ تخلّف شرط من هذه الشّروط يؤثّر في إسقاط الفرض فلأن تؤثّر في إسقاط الواجب أولى . وأمّا الحنابلة - وصلاة العيدين عندهم فرض كفاية كما سبق بيانه - فإنّما شرطوا لفرضيّتها: الاستيطان ، والعدد المشترط للجمعة .
والمالكيّة - وهم من القائلين بأنّ صلاة العيدين سنّة مؤكّدة - شرطوا لذلك ، أي لتأكيد سنّيّتها : تكامل شروط وجوب الجمعة ، وأن لا يكون المصلّي متلبّساً بحجّ .
فإذا فقد أحد الشّروط نظر : فإن كان المفقود هو عدم التّلبّس بالحجّ فصلاة العيد غير مطلوبة بأيّ وجه من وجوه الطّلب ، وإن كان المفقود هو أحد شروط وجوب الجمعة ، كالمرأة والمسافر ، فهي في حقّهم مستحبّة وليست بسنّة مؤكّدة . قال الصّفتيّ : وهي سنّة في حقّ من يؤمر بالجمعة وجوباً إلاّ الحاجّ فلاتسنّ له ولا تندب ، وأمّا المرأة والصّبيّ والمسافر فتستحبّ في حقّهم .
وذهب الشّافعيّة إلى أنّها سنّة مؤكّدة في حقّ كلّ مكلّف ذكراً كان أو أنثى ، مقيماً أو مسافراً، حرّاً أو عبداً ،ولم يشترطوا لسنّيّتها شرطاً آخر غير التّكليف .
وقالوا باشتراط عدم التّلبّس بالحجّ لأدائها جماعةً ، أي فالحاجّ تسنّ له صلاة العيد منفرداً لا جماعةً .
______________
شروط الصّحّة :
كلّ ما يعتبر شرطاً فيصحّة صلاة الجمعة ، فهو شرط في صحّة صلاة العيدين أيضاً ، ما عدا الخطبة فهي هنا ليست شرطاً في صحّة العيدين وإنّما هي سنّة .
ويستثنى - أيضاً - شرط عدم التّعدّد " راجع صلاة الجمعة " فلا يشترط ذلك لصلاة العيد ، قال الحصكفيّ : وتؤدّى بمصر واحد في مواضع كثيرة اتّفاقاً ، وقال ابن عابدين : مقرّراً هذا الكلام : والخلاف إنّما هو في الجمعة ،
فيشترط لصحّتها : أ - الإمام ، ب - والمصر ، ج - والجماعة ، د - والوقت .
وقد مرّ أنّها شروط للوجوب أيضاً .
هذا عند الحنفيّة ، أمّا الحنابلة فقد اشترطوا الوقت والجماعة.
ولم يشترط المالكيّة والشّافعيّة لصحّة صلاة العيدين شيئاً من هذه الشّروط إلاّ الوقت .
أمّا الشّروط الّتي هي قدر مشترك في صحّة الصّلوات المختلفة من طهارة واستقبال قبلة ... إلخ فليس فيها من خلاف .
المرأة وصلاة العيدين :
ذهب المالكيّة ،والشّافعيّة ، والحنابلة إلى كراهة خروج الشّابّات وذوات الجمال لصلاة العيدين لما في ذلك من خوف الفتنة ، ولكنّهم استحبّوا في المقابل خروج غير ذوات الهيئات منهنّ واشتراكهنّ مع الرّجال في الصّلاة .
وذلك للحديث المتّفق عليه عن أمّ عطيّة : « كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يخرج العواتق وذوات الخدور والحيّض في العيد ، فأمّا الحيّض فكنّ يعتزلن المصلّى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين » .
ولكن ينبغي أن يخرجن في ثياب لاتلفت النّظر دون تطيّب ولا تبرّج .
ويختلف الحكم عند الحنفيّة في إباحة خروج النّساء إلى صلاة العيدين بين كون المرأة شابّةً أو عجوزاً . أمّا الشّابّات من النّساء وذوات الجمال منهنّ ، فلا يرخّص لهنّ في الخروج إلى صلاة العيد ولا غيرها كصلاة الجمعة ونقل الكاسانيّ إجماع أئمّة المذهب الحنفيّ عليه ، وذلك لقوله تعالى : {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ }الأحزاب33
وأمّا العجائز فلا خلاف أنّه يرخّص لهنّ الخروج للعيد وغيره من الصّلوات . غير أنّ الأفضل على كلّ حال أن تصلّي المرأة في بيتها . واختلفت الرّواية عن أبي حنيفة : هل تخرج المرأة للصّلاة أم لتكثير سواد المسلمين ؟ .
وقت أدائها :
6 - ذهب جمهور الفقهاء - الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة - إلى أنّ وقت صلاة العيدين يبتدئ عند ارتفاع الشّمس قدر رمح بحسب رؤية العين المجرّدة - وهو الوقت الّذي تحلّ فيه النّافلة - ويمتدّ وقتها إلى ابتداء الزّوال .
وقال الشّافعيّة : إنّ وقتها ما بين طلوع الشّمس وزوالها ، ودليلهم على أنّ وقتها يبدأ بطلوع الشّمس أنّها صلاة ذات سبب فلا تراعى فيها الأوقات الّتي لا تجوز فيها الصّلاة .
أمّا الوقت المفضّل لها ، فهو عند ارتفاع الشّمس قدر رمح، إلاّ أنّه يستحبّ عدم تأخيرها عن هذا الوقت بالنّسبة لعيد الأضحى ، وذلك كي يفرغالمسلمون بعدها لذبح أضاحيهم ، ويستحبّ تأخيرها قليلاً عن هذا الوقت بالنّسبة لعيد الفطر ، وذلك انتظاراً لمن انشغل في صبحه بإخراج زكاة الفطر .
وهذا محلّ اتّفاق عند سائرالأئمّة ، ودليلهم على ما ذهبوا إليه من التّفريق بين صلاتي الفطر والأضحى : « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كتب إلى بعض الصّحابة : أن يقدّم صلاة الأضحى ويؤخّر صلاة الفطر » .
حكمها بعد خروج وقتها :
لفوات صلاة العيد عن وقتها ثلاث صور :
الصّورة الأولى : أن تؤدّى صلاة العيد جماعةً في وقتها من اليوم الأوّل ولكنّها فاتت بعض الأفراد ،وحكمها في هذه الصّورة أنّها فاتت إلى غير قضاء ، فلا تقضى مهما كان العذر ؛ لأنّها صلاة خاصّة لم تشرع إلاّ في وقت معيّن وبقيود خاصّة ، فلا بدّ من تكاملها جميعاً ،ومنها الوقت . وهذا عند الحنفيّة والمالكيّة .
وأمّا الشّافعيّة : فقد أطلقوا القول بمشروعيّة قضائها - على القول الصّحيح في المذهب - في أيّ وقت شاء وكيفما كان : منفرداً أو جماعةً ،وذلك بناءً على أصلهم المعتمد ، وهو أنّ نوافل الصّلاة كلّها يشرع قضاؤها .
وأمّا الحنابلة : فقالوا : لاتقضى صلاة العيد ، فإن أحبّ قضاءها فهو مخيّر إن شاء صلّاها أربعاً ، إمّا بسلام واحد ، وإمّا بسلامين .
الصّورةالثّانية : أن لا تكون صلاة العيد قد أدّيت جماعةً في وقتها من اليوم الأوّل ، وذلك إمّا بسبب عذر : كأن غمّ عليهم الهلال وشهد شهود عند الإمام برؤية الهلال بعد الزّوال ، وإمّا بدون عذر .
ففي حالة العذر يجوز تأخيرها إلى اليوم الثّاني سواء كان العيد عيد فطر أو أضحى ؛ لأنّه قد ثبت عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « أنّ قوماً شهدوا برؤية الهلال في آخر يوم من أيّام رمضان ، فأمر عليه الصلاة والسلام بالخروج إلى المصلّى من الغد » .
وهذا عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة فيشرع قضاء صلاة العيد في اليوم الثّاني عند تأخّر الشّهادة برؤية الهلال . أمّا المالكيّة : فقد أطلقوا القول بعدم قضائها فيمثل هذه الحال .
إلاّ أنّ الشّافعيّة لا يعتبرون صلاتها في اليوم الثّاني قضاءً إذا تأخّرت الشّهادة في اليوم الّذي قبله إلى ما بعد غروب الشّمس . بل لا تقبل الشّهادة حينئذ ويعتبر اليوم الثّاني أوّل أيّام العيد، فتكون الصّلاة قد أدّيت في وقتها .
الصّورة الثّالثة : أن تؤخّرصلاة العيد عن وقتها بدون العذر الّذي ذكرنا في الصّورة الثّانية . فينظر حينئذ : إن كان العيد عيد فطر سقطت أصلًا ولم تقض . وإن كان عيد أضحى جاز تأخيرها إلى ثالث أيّام النّحر ، أي يصحّ قضاؤها في اليوم الثّاني ، وإلاّ ففي اليوم الثّالث من ارتفاع الشّمس في السّماء إلى أوّل الزّوال ، سواء كان ذلك لعذر أو لغير عذر ولكن تلحقه الإساءة إن كان غير معذور بذلك .
مكان أدائها :
كلّ مكان طاهر ، يصلح أن تؤدّى فيه صلاة العيد ، سواء كان مسجداً أو عرصةً وسط البلد أو مفازةً خارجها . إلاّ أنّه يُسنّ الخروج لها إلىالصّحراء أو إلى مفازة واسعة خارج البلد تأسّياً بما كان يفعله رسول اللّه صلى الله عليه وسلم .
ولا بأس أن يستخلف الإمام غيره في البلدة ليصلّي في المسجد بالضّعفاء الّذين لا طاقة لهم بالخروج لها إلى الصّحراء .
ولم يخالف أحد من الأئمّة في ذلك ، إلاّ أنّ الشّافعيّة قيّدوا أفضليّة الصّلاة في الصّحراء بما إذا كان مسجد البلد ضيّقاً .
وإن كان المسجد واسعاً لا يتزاحم فيه النّاس ، فالصّلاة فيه أفضل ؛ لأنّ الأئمّة لم يزالوا يصلّون صلاة العيد بمكّة في المسجد ؛ ولأنّ المسجد أشرف وأنظف . ونقل صاحب المهذّب عن الشّافعيّ قوله : إن كان المسجد واسعاً فصلّى في الصّحراء فلا بأس ، وإن كان ضيّقاً فصلّى فيه ولم يخرج إلى الصّحراء كرهت ؛ لأنّه إذا ترك المسجد وصلّى في الصّحراء لم يكن عليهم ضرر ، وإذا ترك الصّحراء وصلّى في المسجد الضّيّق تأذّوا بالزّحام ، وربّما فات بعضهم الصّلاة .
-------------------------
كيفيّة أدائها :
أوّلاً - الواجب من ذلك :
صلاة العيد ، لها حكم سائر الصّلوات المشروعة ، فيجب ويفرض فيها كلّ ما يجب ويفرض في الصّلوات الأخرى .
ويجب فيها - زيادةً على ذلك - مايلي :
أوّلاً : - أن تؤدّى في جماعة وهو قول الحنفيّة والحنابلة .
ثانياً : - الجهر بالقراءة فيها ، وذلك للنّقل المستفيض عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم .
ثالثاً : أن يكبّر المصلّي ثلاث تكبيرات زوائد بين تكبيرة الإحرام والرّكوع في الرّكعة الأولى ، وأن يكبّر مثلها - أيضاً - بين تكبيرة القيام والرّكوع في الرّكعة الثّانية .
وسيّان " بالنّسبة لأداء الواجب " أن تؤدّى هذه التّكبيرات قبل القراءة أو بعدها ، مع رفع اليدين أو بدونهما ، ومع السّكوت بين التّكبيرات أو الاشتغال بتسبيح ونحوه .
أمّا الأفضل فسنتحدّث عنه عند البحث في كيفيّتها المسنونة .
فمن أدرك الإمام بعد أن كبّر هذه التّكبيرات : فإن كان لايزال في القيام كبّر المؤتمّ لنفسه بمجرّد الدّخول في الصّلاة ، وتابع الإمام . أمّا إذا أدركه راكعاً فليركع معه ، وليكبّر تكبيرات الزّوائد أثناء ركوعه بدل من تسبيحات الرّكوع .
وهذه التّكبيرات الزّائدة قد خالف في وجوبها المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ، ثمّ اختلفوا في عدد هذه التّكبيرات ومكانها .
فالشّافعيّة قالوا :هي سبع في الرّكعة الأولى بين تكبيرة الإحرام وبدء القراءة ، وخمس في الرّكعة الثّانية بين تكبيرة القيام وبدء القراءة أيضاً .
وذهب المالكيّة والحنابلة إلى أنّها ستّ تكبيرات في الرّكعة الأولى عقب تكبيرة الإحرام ، وخمس في الثّانية عقب القيام إلى الرّكعة الثّانية أي قبل القراءة في الرّكعتين .
والجهر بالقراءة واجب عند الحنفيّة فقط . واتّفق الجميع على مشروعيّته .
ثانياً : المندوب من ذلك :
يندب في صلاة العيدين كلّ ما يندب في الصّلوات الأخرى : فعلاً كان ، أو قراءةً ، وتختصّ صلاة العيدين بمندوبات أخرى نجملها فيما يلي :
أوّلاً - يسنّ أن يسكت بين كلّ تكبيرتين من التّكبيرات الزّوائد قدر ثلاث تسبيحات ولا يسنّ أن يشتغل بينهما بذكر أو تسبيح .
ثانياً - يسنّ أن يرفع يديه عند التّكبيرات الزّوائد إلى شحمة أذنيه ، بخلاف تكبيرة الرّكوع فلا يرفع يديه عندها .
ثالثاً - يسنّ أن يوالي بين القراءة في الرّكعتين ، وذلك بأن يكبّر التّكبيرات الزّوائد في الرّكعة الأولى قبل القراءة ، وفي الرّكعة الثّانية بعدها ، فتكون القراءتان متّصلتين على ذلك. رابعاً - يسنّ أن يقرأ في الرّكعة الأولى سورة الأعلى وفي الرّكعة الثّانية سورة الغاشية ولا يلتزمهما دائماً كي لا يترتّب على ذلك هجر بقيّة سور القرآن .
خامساً - يسنّ أن يخطب بعدها خطبتين ، لا يختلف في كلّ منهما في واجباتها وسننها عن خطبتي الجمعة .
إلاّ أنّه يستحبّ أن يفتتح الأولى منهما بتسع تكبيرات متتابعات والثّانية بسبع مثلها .
هذا ولا يشرع لصلاة العيد أذان ولا إقامة ، بل ينادى لها : الصّلاة جامعةً .
13 - ولها - أيضاً - سُنن تتّصل بها وهي قبل الصّلاة أو بعدها نجملها فيما يلي :
أوّلاً : أن يطعم شيئاً قبل غدوّه إلى الصّلاة إذا كان العيد عيد فطر ، ويسنّ أن يكون المطعوم حلوًا كتمر ونحوه ، لما روى البخاريّ « أنّه صلى الله عليه وسلم كان لا يغدو يوم الفطر حتّى يأكل تمرات » .
ثانياً : يسنّ أن يغتسل ويتطيّب ويلبس أحسن ثيابه .
ثالثاً : يسنّ الخروج إلى المصلّى ماشياً ، فإذا عاد ندب له أن يسير من طريق أخرى غير الّتي أتى منها . ولابأس أن يعود راكباً .
ثمّ إن كان العيد فطراً سنّ الخروج إلى المصلّى بدون جهر بالتّكبير في الأصحّ عند الحنفيّة .
رابعاً : إن كان أضحى فيسنّ الجهر بالتّكبير في الطّريق إليه .
قال في الدّرّ المختار : قيل : وفي المصلّى أيضاً وعليه عمل النّاس اليوم .
واتّفقت بقيّة الأئمّة مع الحنفيّة في استحباب الخروج إلى المصلّى ماشياً والعود من طريق آخر ، وأن يطعم شيئاً يوم عيد الفطر قبل خروجه إلى الصّلاة ، وأن يغتسل ويتطيّب ويلبس أحسن ثيابه .
أمّا التّكبير في الطّريق إلى المصلّى فقد خالف الحنفيّة في ذلك كلّ من المالكيّة والحنابلة ، والشّافعيّة ،فذهبوا إلى أنّه يندب التّكبير عند الخروج إلى المصلّى والجهر به في كلّ من عيدي الفطر والأضحى .
وأمّا التّكبير في المصلّى : فقد ذهبت الشّافعيّة " في الأصحّ من أقوال ثلاثة " إلى أنّه يسنّ للنّاس الاستمرار في التّكبير إلى أن يُحرم الإمام بصلاة العيد .
وذهب المالكيّة - أيضاً - إلى ذلك استحساناً . قال العلّامة الدّسوقيّ في حاشيته على الشّرح الكبير : وأمّا التّكبير جماعةً وهم جالسون في المصلّى فهذا هو الّذي استحسن ، وهو رأي عند الحنابلة أيضاً .
وأمّا التّكبيرات الزّوائد في الصّلاة : فقد خالف الحنفيّة في استحباب موالاتها ، وعدم فصل أيّ ذكر بينها كلّ من الحنابلة والشّافعيّة حيث ذهب هؤلاء جميعاً إلى أنّه يستحبّ أن يفصل بينها بذكر ، وأفضله أن يقول : سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلاّ اللّه واللّه أكبر . أو يقول: اللّه أكبر كبيراً والحمد للّه كثيراً وسبحان اللّه وبحمده بكرةً وأصيلاً .
كما خالف المالكيّة في استحباب رفع اليدين عند التّكبيرات الزّوائد ،فذهبوا إلى أنّ الأفضل عدم رفع اليدين عند شيء منها .
كما خالف المالكيّة ، في عدد التّكبيرات الّتي يستحبّ افتتاح الخطبة بها . ويستحبّ عندهم أن تفتتح الخطبة بالتّكبير ولا تحديد للعدد عندهم .
وذهب الحنفيّة إلى أنّه لا سنّة لها قبليّةً ولا بعديّةً ، ولا تصلّى أي نافلة قبلها وقبل الفراغ من خطبتها؛ لأنّ الوقت وقت كراهة ، فلا يصلّى فيه غير العيد . أمّا بعد الفراغ من الخطبة فلا بأس بالصّلاة .
وذهب الشّافعيّة إلى أنّه لا يكره التّنفّل قبلها ولا بعدها لما عدا الإمام ، سواء صلّيت في المسجد أو المصلّى .
وفصَّل المالكيّة فقالوا : يكره التّنفّل قبلها وبعدها إلى الزّوال ، إن أدّيت في المصلّى ولا يكره إن أدّيت في المسجد .
وللحنابلة تفصيل آخر فقد قالوا : لا يتنفّل قبل الصّلاة ولا بعدها كلّ من الإمام والمأموم ،في المكان الّذي صلّيت فيه ، فأمّا في غير موضعها فلا بأس .
-------------------------
مفسدات صلاة العيد :
لصلاة العيد مفسدات مشتركة ومفسدات خاصّة .
أمّا مفسداتها المشتركة : فهي مفسدات سائر الصّلوات .
وأمّا مفسداتها الخاصّة بها ، فتلخّص في أمرين :
الأوّل : أن يخرج وقتها أثناء أدائها بأن يدخل وقت الزّوال ، فتفسد بذلك . قال ابن عابدين : أي يفسد وصفها وتنقلب نفلاً ، اتّفاقاً إن كان الزّوال قبل القعود قدر التّشهّد ، وعلى قول الإمام أبي حنيفة إن كان بعده .
الثّاني : انفساخ الجماعة أثناء أدائها . فذلك - أيضاً - من مفسدات صلاة العيد .
وهل يشترط لفسادها أن تفسخ الجماعة قبل أن تقيّد الرّكعة الأولى بالسّجدة ، أم تفسد مطلقاً ؟ يرد في ذلك خلاف وتفصيله في مفسدات صلاة الجمعة .
وخالف المالكيّة والشّافعيّة بالنّسبة لانفساخ الجماعة .
ما يترتّب على فسادها :
قال صاحب البدائع : إن فسدت صلاة العيد بما تفسد به سائر الصّلوات من الحدث العمد وغير ذلك ، يستقبل الصّلاة على شرائطها ، وإن فسدت بخروج الوقت ، أو فاتت عن وقتها مع الإمام سقطت ولايقضيها عندنا .
وسائر الأئمّة متّفقون على أنّ صلاة العيد إذا فسدت بما تفسد به سائر الصّلوات الأخرى ، تستأنف من جديد .
أمّا إن فسدت بخروج الوقت فقد اختلفوا في حكم قضائها أو إعادتها ،
شعائر وآداب العيد :
أمّا شعائره فأبرزها : التّكبير .
وصيغته : اللّه أكبر اللّه أكبر لا إله إلاّ اللّه ، واللّه أكبر اللّه أكبر ، وللّه الحمد .
وخالفت الشّافعيّة والمالكيّة ،فذهبوا إلى جعل التّكبيرات الأولى في الصّيغة ثلاثاً بدل إثنتين .
وأمّا حكمه ومكانه في عيد الأضحى ، فيجب التّكبير مرّةً عقب كلّ فرض أدّي جماعةً ، أو قضي في أيّام العيد ،ولكنّه كان متروكاً فيها ، من بعد فجر يوم عرفة إلى ما بعد عصر يوم العيد .
وذهب أبو يوسف ومحمّد " وهوالمعتمد في المذهب " إلى أنّه يجب بعد كلّ فرض مطلقاً ، ولو كان المصلّي منفرداً أومسافراً أو امرأةً ، من فجر يوم عرفة إلى ما بعد عصر اليوم الثّالث من أيّام التّشريق .
أمّا ما يتعلّق بحكم التّكبير : فسائر المذاهب على أنّ التّكبير سنّة أو سنّة مؤكّدة وليس بواجب .
والمالكيّة يشرع التّكبير عندهم إثر خمس عشرة صلاةً تبدأ من ظهر يوم النّحر .
وأمّا ما يتعلّق بنوع الصّلاة الّتي يشرع بعدها التّكبير : فقد اختلفت في ذلك المذاهب : فالشّافعيّة على أنّه يشرع التّكبير عقب كلّ الصّلوات فرضاً كانت أم نافلةً على اختلافها لأنّ التّكبير شعار الوقت فلا يختصّ بنوع من الصّلاة دون آخر .
والحنابلة على أنّه يختصّ بالفروض المؤدّاة جماعةً من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيّام التّشريق ، فلا يشرع عقب ما أدّي فرادى من الصّلوات .
والمالكيّة على أنّه يشرع عقب الفرائض الّتي تصلّى أداءً، فلا يشرع عقب ما صلّي من ذلك قضاءً مطلقاً أي سواء كان متروكات العيد أم لا .
وأمّا آدابه فمنها :
الاغتسال ويدخل وقته بنصف اللّيل ، والتّطيّب ، والاستياك ، ولبس أحسن الثّياب . ويُسنّ أن يكون ذلك قبل الصّلاة ، وأداء فطرته قبل الصّلاة .
ومن آداب العيد : إظهار البشاشة والسّرور فيه أمام الأهل والأقارب والأصدقاء ، وإكثار الصّدقات . قال في الدّرّ المختار : والتّهنئة بتقبّل اللّه منّا ومنكم لا تنكر .
ونقل ابن عابدين الخلاف في ذلك ثمّ صحّح القول بأنّ ذلك حسن لا ينكر ، واستند في تصحيحه هذا إلى ما نقله عن المحقّق ابن أمير الحاجّ منقوله : بأنّ ذلك مستحبّ في الجملة . وقاس على ذلك ما اعتاده أهل البلاد الشّاميّة والمصريّة من قولهم لبعض : عيد مبارك .
وذكر الشّهاب ابن حجر - أيضاً - أنّ هذه التّهنئة على اختلاف صيغها مشروعة ، واحتجّ له بأنّ البيهقيّ عقد له باباً فقال : باب ما روي في قول النّاس بعضهم لبعض في العيد : تقبّل اللّه منّا ومنكم ، وساق فيه ما ذكره من أخبار وآثار ضعيفة لكن مجموعها يحتجّ به في مثل ذلك ، ثمّ قال الشّهاب : ويحتجّ لعموم التّهنئة بسبب ما يحدث من نعمة ، أو يندفع من نقمة بمشروعيّة سجود الشّكر ، وبما في الصّحيحين« عن كعب بن مالك في قصّة توبته لمّا تخلّف في غزوة تبوك : أنّه لمّا بشّر بقبول توبته مضى إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم قام إليه طلحة بن عبيد اللّه
فهنّأه » .
كما يكره حمل السّلاح فيه ، إلاّ أن يكون مخافة عدوّ مثلاً ؛ لما ور دفي ذلك من النّهي عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم .
----------
تم بحمد الله وعونه ... نسأل الله سبحانه وتعالى
أن يغفر لنا ولكم ... وأن يكون عيدا ً طيبا ً مباركا ً
علينا وعليكم وعلى الأمة الإسلامية جمعـــــاء .